الحلقة الثالثة: فتوة المراحل المرتبكة

الفتوة، مكان شاغر دائمًا، مع أن زمنه انتهى بقانون صدر سنة 1936 لينهي الاعتراف الرسمي لنظام الفتوة باعتباره مؤسسة الأمن التي مهمتها الحماية في شوارع مصر.

 الفتوة فكرة غائبة، تتجاوز التعريفات اللغوية التي تصف فترة بين المراهقة والشباب؛ بما فيها من إيمان شبه بدائي بالقوة في الجسد ونبل الأفكار المجردة.. تتجاوز فكرة الفتوة أيضًا مسارها التاريخي لتعبر عن فقدان حالة خيالية من “الرجولة الحامية”؛ ليست تلك بالضبط التي انتصرت بها الدولة العثمانية، وسيدتها في البلاد الخاضعة لها نظامًا زمنيًّا يضمن الولاء لسيد الفتوات القابع في القصر، أو لقيم القوي العادل الذي يوسع الحماية ويطلب مقابلها أموالاً وخضوعًا.

الفتونة حنين خفي لعالم قديم؛ تتناسل الصور عنه بعد حذف السياقات التاريخية والاجتماعية ليبقى منها ما يجعله مثالاً ونموذجًا للعجزة والبائسين.. أو مانيفستو خفيًّا لكل من يعش هزائم يومية، ويعيش محشورًا وسط ضغوط الحياة المعاصرة بينما رأسه وعقله الباطن محشوان بالأمجاد الغابرة.. اليوتوبيا الضائعة.. وكل ما يجعل انتظار “الدكر” أو “الفتوة” حلم النرجسية الجريحة.

هذا العالم القديم يصحو عندما تتحول الحياة إلى فشل يومي في الاختيارات والاختبارات التي يفرضها واقع يغيب فيه العدل، ويخفت العالم القديم والفتوة في مركزه حين يعيش المجتمع فانتازيا المجتمع السعيد، الذي يمد يديه ليلمس أحلام انتصاراته الحديثة التي تبعد خطوات عن حشو الأمجاد البليدة، لهذا ينتظر البؤساء “الذكر المجنح” لينقذهم، وعندما يفشل لا يملون من انتظاره ليقوم مجددًا، كما يحدث في عقل جماعي لا يزال يرى في صدام حسين ذكرًا غائبًا، بل إن هناك من ينتظرون عودته من الغياب، كما يتغنى كل المطحونين في جحيم الديكتاتوريات بذكورهم المهزومة، انتظارًا لوعد الفانتازيا الذي ينسج خيالاً يساعدهم على تحمل الجحيم.

لهذا أيضًا بعد أن يصفع الفتوة الذكر حبيبته ذات ملامح الجمال البلدي تصرخ “برضو بحبك يا وحش”! كان فريد شوقي بطل هذا المشهد في ذاك الوقت فتوة جمهور الترسو، وبطلهم الذي حطموا شاشة السينما عندما عرضت فيلم “باب الحديد” ولم يسمح له فيه بخوض معارك تنتهي-كالعادة- بانتصاره على الأعداء. هذا الكسر في صورة فتوة السيما وشجيع الشاشات، الذي كان يسجل في عقود أفلامه شروطًا تلزم فريد شوقي بخوض 3 معارك على الأقل خلال زمن الفيلم!
المدهش هنا، والذي أتوقف عنده في رحلتي خلف الذكورة الجريحة، أنه في نفس تلك الفترة تقريبًا كانت هناك صورة أخرى تقدمها الصحافة الفنية لشجيع السيما فريد شوقي، وهذه إشارة جديدة بأن الواقع متخيَّل أساسًا، أو من صنع أفكار تعبيرية عن موازين القوى؛ يطمئن المستهلكين لها كلما اعتبروها قدرًا، أو من طبائع الأمور، أو يتطرفون ساعة الخطر ويرفعونها حزمة من “القيم الأصيلة” ودليل واقعي على وجود” ما يجعل الأرض تدور والمساء تقام دون أعمدة”..

كان فريد شوقي مقيمًا في منطقة عابرة؛ عالقًا بكل معنى الكلمة بين أزمان متقاطعة، وخيالات متصارعة، لم يكن نموذجًا للنمط التقليدي لهذه القوة المجنحة التي نحتاجها كضعفاء (الوحش /الفتوة؛ وهو بالطبيعة رجل..) لكنه استطاع أن يخلق شكلاً عصريًّا لمنطقة وسط تجعل الحبيبة تتغزل فيه بينما تتلوى من صفعته، ويبدو ذلك في نفس الوقت اختيار وليس قدر الجواري أو النساء في العصور الذكورية.
فريد شوقي فتوة؛ صنعه خيال مرحلة مرتبكة بين النرجسية الباكية على ذهاب زمن جميل، وبين رغبة في تقديم نسخة محلية من الأسرة كما قدمتها حداثة الخمسينيات و الستينيات. في الارتباك تخرج الصور عن مجال الأحلام الباطنية، وما تفرضه قلة الحيلة، ليعمل خيال الناس بحرية أكبر من دأب البروباجندا السياسية على تصوير جمال عبد الناصر في صورة الفتوة الذكر/الأب الحامي قاهر الاستعمار.
الزعامة كانت تحتاج التأكيد على  تحقيقها للانتظار الدائم للبطل المنقذ؛ دكر الأمة الناهض من الرماد ليحقق الانتصار، وهي صورة تتوالد من لاوعي أنظمة الدولة التي بنيت على توافق خطر بين الشكل الحديث للدولة، وشرعيتها المعتمدة على سيادة الشعب، وبين الشعور بالحنين إلى دولة تعامل الحاكم على أنه الذكر المتغلب مبعوث العناية الإلهية.
وقد كانت السينما مجال التحرر النسبي من  تناسخ هذه الصور، وهو ما قدم الصورة المركبة لفريد شوقي وحش الشاشة في الخمسينيات والستينيات.

 



شجيع السيما

المشهد وصاحبه فريد شوقي، يضعان مشكلة الذكورة والأنوثة في منطقة بين الهزل والجدية، بين الشر والسخرية، الضحك والقوة. وهذا غالبًا ما كان يلعب به فريد شوقي طول حياته الطويلة على الشاشات (وفي المسارح والشاشات المنزلية أيضًا)، هو وحش الشاشة التي لن تجد الفاتنة الشعبية غضاضة في أن تظهر له خضوعها بكل هذا الدلال.. هو يستحق؛ تلك الذكورة ليست مثيرة للجدل، بل للإعجاب، أو للاستحسان.. وهي نسخة مطورة ومغايرة من الهالة الجبارة لسي “السيد أحمد عبد الجواد” في ثلاثية نجيب محفوظ/حسن الإمام.. وهي أيضًا مفارقة للذكورة المتوحشة القائمة على ملكيته لأدوات الشر والأذى.. وهي نماذج أميل لتجسيد الشر أكثر من الذكورة، لكن فريد شوقي كان وحش الشاشة، أو “شجيع السيما” كما وجد فيه جمهور السينما من مواصفات تحقق نسخة مصرية من الكاوبوي الأمريكي/ الشجاع/ الجدع، وفي هذه المرحلة لم يعد فريد شوقي غاوي تمثيل بدأ السلم من أوله، بل انتقل ليملأ فراغًا بالمعنى الرمزي، والعملي إذ كان عقده ينص على 3 معارك في الفيلم، بالإضافة إلى معركة نهاية الفيلم!

كيف صنعت مجلة الكواكب رجولة فريد شوقي؟

في أثناء الغزو الأمريكي للعراق 2003 قرأت كتابًا كان حديثًا آنذاك؛ عنوانه “الرجولة المتخيلة”، دار الساقي، توقفت فيه أولاً عند دراسة عن “رجولة صدام” يومها كتبت ملاحظة أنه في الوقت الذي شهد صعود صدام حسين السياسي تقريبًا كان فريد شوقي يعبر مساحة الدور الثاني ليصبح رمزًا آخر للرجولة العربية هو: وحش الشاشة، وملك الترسو. وربما كنت أحاول الربط بين صعود “الذكر المجنح” الذي كان صدام حسين ذروة تجلياته، وبين ما التقطته دراسة في نفس الكتاب للباحث الأمريكي والتر أرمبرست، المهتم بفكرة الثقافة الشعبية في مصر من خلال الموسيقى والأفلام. وصدر له كتاب كامل ترجم إلى العربية بعنوان “الثقافة الجماهيرية في مصر” وهي أقرب ترجمة، وليس أدقها لمفهوم الثقافة التي يتشكل بها خيال الشخص عن نفسه وعن العالم الذي يعيش فيه.

عنوان دراسة والتر أرمبروست “فريد شوقي: فتوة، رب عائلة، نجم سينمائي”، وفيها يشير إلى أنه فيما قبل الخمسينيات كانت “الشخصيات الرجولية ترتبط عادة بنمط الحياة البرجوازي، على الطريقة الغربية. وكانت الشخصيات المتأنقة هي السائدة حتى عندما كان مطلوبًا منها في بعض الأحيان أن تبذل مجهودًا عضليًّا، أو حتى تخوض معارك”، لكن مع تبلور شخصية فريد شوقي الشعبية على امتداد عقد الخمسينيات “كانت شخصياته خشنة ونشيطة جسديًّا. قام كنجم سينمائي بدور ميكانيكي السيارات والصياد والجندي والعامل اليدوي. وكانت هذه الشخصيات موجهة عمدًا إلى الجمهور “الشعبي” أو جمهور الطبقات الدنيا”. يمكن أن ندرك هذا بقليل من الخبرة في السينما المصرية التي قدمت في سنوات التحوّل مع (يوليو) 1952 انتقالاً مدهشًا في أبطالها. واستدعت الممثلين الأكثر تحقيقًا لصورة البطل الشعبي، الأقرب إلى الفتوة، الشهم، الرجل المدافع عن الشرف، الذي يوفر الحماية للمرأة المنتظرة في البيت. المهم فيما يقوله والتر أرمبرست أن فريد شوقي لم يصبح نموذج الرجولة بسبب أدوار الفتوة فقط، ولكنه صار كذلك عندما قدمته المجلات الفنية، وخصوصًا “الكواكب”، في صورة الزوج المثالي، في علاقة زواج قائم على المساواة بين الرجل والمرأة؛ وهذا عندما تزوج من هدى سلطان. فلولا هذا الزواج لاستمر فريد شوقي يلعب دور الشرير الرتيب.. ولكان أصبح مجرد شرير الشاشة، مثل محمود المليجي (يتحدث الباحث الأميركي هنا عن تمثيل رمز الرجولة وليس موهبة التمثيل الذي أعتقد من وجهة نظري أن المليجي يتفوَّق فيها على فريد شوقي بمراحل كبيرة) لكنه أصبح بعد زيجته الثانية “ملك الترسو”. زوجة فريد شوقي الأولى زينب عبد الهادي. تزوج منها ولما يزل موظفًا حكوميًّا في مصلحة الأملاك. وفي سيرته الذاتية المنشورة عام 1978 قال إنهما انفصلا لأنها ببساطة لم تفهم حياة الفنان. وقال أيضًا إنه أصبح يحترمها أكثر بعد الطلاق. لكن في مذكراته التي نشرت عام 1957 كان فريد شوقي أكثر مرارة؛ وقال إن قصة زواجه الأول هي موضوع فيلم “المجد” عام 1957. في الفيلم يلعب فريد شوقي دور ممثل شهير تلحق به زوجته ظلمًا فظيعًا.. إذ تتجاهل حياته الفنية.. وتقتل ابنهما بقلب بارد في حادث سيارة.. وأخيرًا تدفع الرجل إلى تعاطي الكحول.. وتنهار حياته الفنية انهيارًا مريعًا حتى يقع في حب ممثلة رائعة الجمال.. تنقذه من الانتحار وتحيي حياته الفنية؛ هذه الممثلة كانت هدى سلطان (طبعًا). لعبت في الفيلم دورها في الواقع. وبعد سبع سنوات على زواجهما، الذي انتقل عبره فريد شوقي من “وحش الشاشة” إلى “ملك الترسو”. يذكر أرمبرست “بدأت هدى سلطان حياتها السينمائية في وقت واحد مع فريد شوقي، في عام 1949. وظهرت في أفلام أقل بكثير. لكنها ومنذ البداية منحت، بحكم قدرتها على الغناء، أدوارًا أفضل من أدوار فريد شوقي، وفي منتصف الخمسينيات كانت قريبة من القمة في عالمي الغناء والتمثيل على السواء”. بل إنها على حد وصف فريد شوقي في مذكراته “كانت أحسن مطربة في مصر بعد أم كلثوم”، وهو رأي اعتبره الباحث غير بعيد عن الحقيقة، معتمدًا على تحقيق نُشر في “الكواكب” عام 1957 عن ثروة النجوم قياسًا إلى أجورهم بالساعة… وكانت هدى سلطان تحصل على 16 جنيهًا في الساعة، وهو تقريبًا ضعف ما كان يحصل عليه فريد شوقي، الذي كانت مرتبته في آخر الجدول بـ8 جنيهات في الساعة.. وإذا أضفنا إلى هذه الثروة دخل هدى سلطان من الغناء في الحفلات والتسجيل إضافة إلى الإعلانات، فهذا يعني أنها كانت “أكبر” من فريد عندما قررا أن يتزوجا.. وكانت هذه مشكلة محتملة كما يرى أرمبرست أمام أية مشاريع لربما أعدها فريد شوقي لتحديد شخصيته الشعبية… إذ كيف يتسنى له أن يكون “الرجل” وزوجته تكسب أكثر منه؟

يحكي والتر أرمبرست أن فريد شوقي لعب دورًا في العلاقة المتوترة بين هدى سلطان وشقيقها المطرب والممثل والملحن محمد فوزي (المعترض على عمل شقيقته بالغناء والتمثيل مثله). وكان يحرص حرصًا شديدًا على أن يصوِّر نفسه في العلن قريبًا من فوزي… مستعدًا للقيام بدور الحامي لشقيقته. في الوقت نفسه، كان فريد شوقي دائم الحديث للصحافة عن حياته مع هدى… وقال إنهما عقدًا اتفاقًا أن تعتزل هدى سلطان عالم الفن إذا طلب هو منها ذلك. وعلى سبيل المثال يصف فريد شوقي رحلته إلى دمشق لحضور إحدى حفلات هدى الموسيقية ويركز على الصعوبة البالغة التي لاقاها التوفيق بين إعجاب الجمهور بزوجته والأنا الذكورية عنده. وهنا يتضح، حسب والتر أرمبروست، أن موقف فريد شوقي من هدى سلطان أمام الجمهور كان ينطوي على أكثر من مجرد الحماية. إذ كان يقوم بدور الزوج الصارم، ويبدي استعداده لمعاملة زوجته معاملة متكافئة… والأكثر من ذلك أن هدى سلطان كانت شريكة (أو على أقل تقدير صُورت أمام الجمهور باعتبارها شريكة) في لعبة التوازن التي كان فريد شوقي يلعبها أمام الجمهور بين حامي الحمى الرجولي والزوج السمح شريك زوجته في العمل الفني. وهكذا كان “على النقيض من صورة “الفتوة” ذي الأصول البسيطة في العدد من أفلام العصابات التي مثلها، فإنه كثيرًا ما قدم نفسه رصينًا، عصريًّا وابن الطبقة المتوسطة، وأرفق في أحد فصول مذكراته المنشورة عام 1957 صورة يظهر فيها مع هدى سلطان وهما يكدسان على السرير لوازم بيتية أهديت إليهما بمناسبة زواجهما على ما يفترض. وكان التعليق تحت الصورة “فريد شوقي وهدى سلطان يتعاونان في تأسيس منزلهما في بداية زواجهما “. يأتي رجل البيت المتعاون في الصورة على النقيض من قائمة الأدوار الشريرة التي مثَّلها على الشاشة… إذ تقدمه مقالة مصورة وهو مع هدى سلطان في المنزل بالبيجاما، وفي إحدى اللقطات يتصارعان بالأيدي وهدى الباسمة على وشك أن تهزمه.



ملك بالبيجاما.. وينتظر

في مذكراته يروي فريد عن رسالة حب كتبها لهدى سلطان ثم انتظاره رنين التليفون وكأنه مراهق ملهوف، وهناك حكايات أخرى عن توتره من مسرحيات تحدث فيها جرائم قتل… هكذا كان وحش الشاشة “الخائف من ظله” يحاول إبعاد أدواره السينمائية عن صورته في مجلات أهل الفن بوصفه رجل عائلة عصريًّا.

وهنا إشارة لمَّاحة من أرمبرست؛ وهو يقارن بين طريقة مجلة “فوتو بلاي” الأمريكية في صنع نماذج الرجولة والذكورة وبين طريقة “الكواكب”، فالأولى موجهة للنساء أكثر. ويبدو هذا من إعلاناتها. وهي أقل ميلاً لتقديم صورة طيبة لممثلين يقومون بأدوار شريرة… وتلعب على تأكيد صورة النجم الذكر كما تقدمه الأفلام. وعلى العكس كانت الكواكب، تسعى إلى تقديم صورة مغايرة إلى حد ما للممثل. مفهومها كان في اتجاه يصدم الجمهور في رمز الفحولة الجنسية والرجولة بالمفهوم السينمائي. وهي صدمة خفيفة لا تخلو من روح الطرافة. أن ترى الوحش في صورة أخرى؛ مرحة، مناقضة تناقضًا ساذجًا أحيانًا. يدغدغ إحساس الجمهور السعيد بذكره القوي. وهكذا فإن رجولة فريد شوقي التي كانت ساطعة في نهاية الخمسينيات وما بعدها هي نتاج صراع خفي بين النظرة التقليدية للذكر الحامي والمسيطر على حياة المرأة الجنسية… وبين الرجل العصري شريك المرأة في العائلة والشارع. 



الفيتيش

يمكننا أن نرى مشهد “بحبك يا وحش” فيتيش (أشكال من الهوس الجنسي)، ربما ليس لدى المصريين فقط، بل أيضًا لدى الشعوب التي قررت أن تغادر الأنماط القديمة من مجتمعات الذكورة المسيطرة. والمغادرة ليست كاملة، فقد تركت الأشكال القديمة آثارها وقطعها في متاحف حية داخل الرجال، ليتحولوا إلى كائنات من طائفة الذكورة الجريحة، يسيرون على الأرض، وفي الشوارع، يبكون على “الأصالة المفقودة بضياع زمن “سي السيد والست أمينة.. كأكثر النماذج الحاضرة تأثيرًا وحضورًا)، في تحول معقد جدًا للذكورة إلي حدود الفيتيش الجنسي والاجتماعي، أو نوستالجيا تغذي بها صناعة البورنو خيالات الرجال والنساء، وتشحذ بها مصانع القيم المسيطرة مشاعر الغربة عن الزمن الذي يرفع شعارات مساواة النساء مع الرجال، مع أن فيتيش الذكورة المسيطرة حاكم ومسيطر بعد جولات قصيرة من محاولة الدخول إلى العصر واجهتها مقاومة عنيفة، فيها الكثير السخرية المبطنة بالأسى كما في نماذج شهيرة مثل أفلام “الأفوكاتو مديحة” و”الأستاذة فاطمة” مرورًا بـفيلم “مراتي مدير عام”، تلك الأفلام التي خرجت فيها المرأة إلى الشارع/العمل، وتركت مملكتها القديمة، وكسرت قانون الطبيعة وأن عليها أن تعتذر عما فعلت. وفي هذه المسافة الغائمة كان لعبور فريد شوقي من “الشرير الوغد” إلى وحش الشاشة/الفتوة نصيبًا كاشفًا كبيرًا من جرح الذكورة المجنحة!

زوزو ماضي وفريد شوقي في كراسة فيلم الأسطى حسن