الحلقة الثانية: الجروح الأنيقة للذكور

“الذكورة مثل الحرب.. تاريخ طويل من القسوة والإنجاز”

ربما تحتاج هذه الخلاصة إلى مزيد من الجرأة لتكون “تاريخًا طويلاً من الإجرام والإنجاز”. ومزيد من الدقة لنضع النظام الأبوي/البطريركي مكان الذكورة.. هل ستضيف هذه الجرأة شيئًا في محاولتي لأكتشف العالم الرجولي الذي تكوَّن من حولي وتكوَّنت فيه بالتدريج؟
بداية، أعتبر نفسي من تربية “الذكورة الحنونة”؛ رأيت أبي وهو يطبخ كل جمعة “طبيخ الأسبوع”، بينما أمي تتابع مساعداتها في عملية التنظيف الأسبوعية.. وبالنسبة للعدالة بيني وبين شقيقتي الوحيدة أكاد أقول إننا تربينا على الندية، مع حظوظ أوفر لي باعتباري الابن الأكبر.
هذه ذكورة حنونة، لم تتشكل بوعي تحطيم الموديل السائد، بل نتيجة تفاعل مع فكرة الهجرة إلى “المدن”، وبناء أُسر صغيرة مبنية على المشاركة في المصاريف بين الرجل والمرأة.. استجابات عملية يحركها طموح الوصول إلى موديل سعيد يقدم جاهزًا من “الدول المتقدمة”.. العالم الذي يتشكل من حولنا في الستينيات كان هادئًا على السطح؛ تحت سيطرة “رجال محل ثقة” يقودهم “أب كاريزما وحنون وشجاع يعرف مصلحتنا”.
ولدت الذكورة الحنونة في إطار خطة “الانسجام” التي فرضها “رجال” يوليو ونظامهم الذي يعرف “مصلحة الشعب أكثر من الشعب نفسه”. موديل الانسجام لم يصطدم بـ “العادات والتقاليد” جذريًّا؛ بل هزَّها هزة خفيفة تتيح مساحة لإعادة تدوير الثروة؛ وتشكيل طبقة وسطى (بالحاجة إلى موظفين محليين لملء فراغات الجسم البيروقراطي المتضخم).. الهزات الخفيفة مع هوس “الانسجام” أتاحا انتشار هذا النوع من الذكورة الحنونة، وتوسيع قاعدتها التي اقتصرت على شرائح بسيطة من المثقفين من سكان المدن الكبرى والعاصمة.
هذه الذكورة الحنونة شهدت عنفوانها المصري، وهي تبني بلدًا تحرر من الاستعمار بسواعد “رجاله الذين أزاحوا الاستعمار” في معركة “ذكورية” مهدت لحقبة من الثقة بالنفس لدى “الذكورة المحلية”، لتسمح للصفوف الخلفية أن تتقدم قليلاً؛ “ذكورية تقدمية” أخلت بعض الأماكن المعدودة لتمثيل النساء بنماذج مختارة.. لكن هذه الذكورة الحنونة تكسرت بعدما فقد “الرجال” ثقتهم بأنفسهم بهزيمة 1967، وعادوا يبحثون عن سلطاتهم المفقودة، واعتبروا ضياعها “لعنة” لن تنتهي إلا بطرد “شياطين التقدم”، والعودة إلى “الإسلام” و”الأصل”.. هذا ملخص القصة؛ أما القصة نفسها فتحتاج إلى أسلوب يجمع بين التأمل والقسوة.

التأمل والقسوة
(هامش طويل نسبياً)

اللحظة التي نعيشها مختلفة.. تفجرت كل البراكين الخامدة بعد ثورة يناير؛ الأيام الأولى انشغلت بتغيير الرئيس وإزاحة نظامه، لكن الخروج الكبير دفع كل البراكين للانفجار، وكشف غطاء الانسجام، وتطايرت شظايا الأسئلة المكبوتة.. كل شيء أصبح قابلاً للنقاش والجدل والاستقطاب.. حالة من الفوران تهدم فيها كل التوازنات القديمة، بكل ما في الهدم من عنف وقسوة ونقاشات تبدو أحيانًا تنطلق من “الصفر”؛ أين ستذهب حالة الفوران والهدم؟
هذا السؤال لا يهمنا، فموضوعنا لا تنطبق عليه ثنائية الذكورة والأنوثة، بل هو صراع لتفكيك النظام الأبوي، الذي تهيمن حكايته على حياتنا وتفسدها، ويقدم نفسه باعتباره “النظام الطبيعي”، أو “الفطرة الإلهية”.
عبر الزمن والتجارب؛ لا يمكن أن تواجه الذكورة المفترسة/المتوحشة/المجرمة التي يمثلها النظام الأبوي بإيقاظ الوجه الناعم/اللطيف/الودود المتعاطف مع حرية المرأة ومسيرتها نحو المطالبة بالمساواة والعدالة.. ولا في تاريخ طويل من محاولات إزالة العداء للأنوثة أو الحدود الموضوعة لمكان النساء في الحياة، وهي جميعًا تضع المرأة من يوم مولدها في حيز الأقليات الضعيفة والمقموعة التي تتحمل كل أزمات البشرية.. القصة هذه المرة أكبر؛ لن تتم على طريقة مناوشات صحفية أو تليفزيونية “نصير المرأة” و”عدو المرأة”، أو الغطس لإثبات أن “النصوص المقدسة” تحترم المرأة سعيًا لإظهار الفارق بين النص والواقع، أو محاولة التدليل على محبة الناس بالثناء المفرط لأدوار الأم والأخت والزوجة والابنة، وهي كلها تنتمي إلى دور المرأة في العلاقة مع الرجل، وتمثل أحد الكليشيهات البليدة لاختزال إنسانية المرأة في الدور الذي تلعبه لصالح الرجل. وطبعًا ليست محاولة لإثبات أن المرأة بـ”ألف رجل”، وهو شكل المديح المبتذل للمرأة باعتبار الرجولة وحدة قياس، والتفوق الرجالي سقف الكون.

أهذه محاولة لتطهير الذات؟ قال صديقي بعد قراءة الحلقة الأولى من “الذكورة الجريحة “قبل أن يتوقف عند العلاقة بين جرائم أحمد بسام زكي وبين حكاياتي الذاتية، التي أتأمل فيها محطات في تربية “الذكر” المصري السني المسلم؛ حسب الكتالوجات العمومية، والتي تتباين من مرحلة إلى مرحلة. وأحيانًا تتناقض، لكنها جميعًا تسعى إلى صنع “مجرم محتمل”.. احتار صديقي في الربط بين التأملات الذاتية وبين سياقات العنف ضد المرأة، ومنها جرائم أحمد بسام زكي، وسألني أهي إدانة للذات قبل تقديمها.. وهل الإدانة لأنك كنت “مجرمًا محتملاً” أم لأنك فشلت في أن تكون هذا المجرم؟ أجبت بلا تفكير “بالضبط، أريد الكتابة بإحساس التورط في الجريمة.. الكتابة من داخل ذات مجرم محتمل”.
وربما يحرِّك التورط رغبة القطيعة مع “بيئة الجريمة” وهي قطيعة تحتاج إلى قسوة لنتابع مسار الخروج من نظام التربية كله، بما في ذلك الجانب الحنون من الذكورة، الذي يعامل النساء باللطف المناسب للكائن الأضعف، أو حتى التعاطف مع المرأة بسبب الظلم التاريخي الذي تعرضت له، دون تفكيك الرواية التي جعلت النظام الأبوي يبدو كما لو كان “طبيعة الأمور”، مع أنه مجرد نظام يهيمن على المجتمع وتاريخه، ويرسم صورة للذكورة والأنوثة منذ لحظة الولادة.

في هذا النظام تدفع المرأة مثلما يدفع كل الضعفاء والمهمشين أثمانًا باهظة في الأزمات الاجتماعية، أو حتى في استعراضات البطولة والانتصار. والذكورة الحنونة جزء من الذكورة الإجرامية، ومكمل لها، وربما ساعدت على منح المرأة بعض الحقوق والمساحات والحريات، لكنها بقيت عناصر ضغط ضمن النظام الأبوي الذي خلق بيئة “إجرام” غير مجرمة ضد النساء. النظام الأبوي/البطريركي؛ مثل الحرب استطاع أن يبني حكاية تهيمن على تفكيرنا ورؤيتنا للعالم، ليس باعتباره حكاية لها بداية وذروة ونهاية؛ بل باعتبارها الحكاية التي لا مهرب منها. توزع الأنصبة في الحياة كأنها يد القدر، أو اليد الإلهية وليست نظامًا له سياق تاريخي. النظام الأبوي عزل الذكورة عن التفاعل، ووضعها في مرتبة السيادة والقيادة، ماحيًا فصول من التاريخ الإنساني وتفاصيل من العلاقات الاجتماعية، لتبقى حكايته هي الحكاية، وعلى الجميع ذكورًا وإناثًا الاندماج فيها، ولو بالمقاومة والاعتراض.. الاندماج والمعارضة وجهان لتصديق الحكاية. واعتماد “الاختلاف البيولوجي” باعتباره أساسًا لترتيب الحياة. وهكذا نحن في لحظة لا يستوعبها التعاطف، هي لحظة أقرب إلى هدم حكاية متغلغلة، أكبر من احتجاج أجيال الستينيات على استمرار جيل الحرب الذي أدى إلى كارثة الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها 80 مليون إنسان وتدمرت بسببها المدن وتشرد اللاجئين.. لحظة إدراك زحزحت الحرب عن مكانها المقدس.

شرفة داليا
(تريند معاصر)

لم أسمع صوت داليا، لم يسمع أحد صوتها، ولم نعرف حكايتها منها؛ بصوتها، فقد قفزت من شرفة بيتها. ما الذي جاء بها إلى هذه العمارة الجديدة؛ برج، بلغة الحوارات اليومية، أكثر من 8 أدوار لم يسكن منها سوى 4 شقق فقط، واجهتها على الطوب الأحمر، وبيت داليا في الطابق السادس، وصاحب العمارة مقاول ينتظر مزيدًا من الغرباء يشترون بيوت استقرارهم أو هروبهم، يذوب كل ساكن جديد في البرج الذي يبدو عملاقًا بالنسبة لمساحة الشارع، متيحًا فرصة للمراقبة والشعور بحميمية متخيلة. تستطيع جارة داليا أن ترى ما يحدث في بيتها، مع أنها مثل بقية الجيران لا تعرف عنها الكثير. قالوا في البداية إنها طبيبة، ثم ممرضة، والوصف الرسمي كان “تعمل في عيادة نساء وتوليد”.. والمعلومة الوحيدة المؤكدة للجميع أنها تعيش بمفردها، وهذا ما قتلها؛ فهي امرأة (منفصلة عن زوجها) واختارت مغادرة مكان إقامتها (المنيا) لتعمل في القاهرة، ووجدت مكانًا في “مدينة السلام”؛ الضاحية التي تحوَّلت إلى ورم من أورام القاهرة؛ أنشئت في عصر السادات لتكون امتدادًا جاذبًا للمقيمين في العاصمة والمهاجرين إليها، واشتهرت بشوارعها الواسعة وحدائق منتشرة بين المجمعات السكنية. فكيف وصلت إلى أن تكون فردوس قطاع الطرق (خاصة الجبل الأصفر) وأحد المستودعات الكبيرة التي تغذي القاهرة بالمخدرات؟

سؤال كبير يحتاج إلى دراسات عميقة، ما يخصنا منه في قصة داليا هو انتشار روح العدوانية والعنف، في مكان بحثت فيه داليا عن الأمان، بعيدًا عن عائلتها الأكبر وأولادها الثلاثة. صوت داليا لم يسمعه أحد تقريبًا في هذا السيرك المتوحش.. لم يعرف جيرانها عنها غير تفاصيل سطحية، وهذا ليس غريبًا في منطقة قامت على جذب الغرباء، القادمين من رديف الطبقات أي البواقي التي لم تهزم ولم تنتصر في حرب البقاء الطبقية.. حيث المساكن القديمة التي تحولت معظم أدوارها الأرضي إلى محال تبيع كل شيء، وأبراج تستنزف فائض العمالة المتوسطة القادمة من العمل في بلاد البترول.

وقفت داليا في شرفتها تستغيث بهؤلاء من زوار الليل؛ فرقة تفتيش وتأديب والدفاع عن “سمعة العمارة” بقيادة المقاول والمالك الذي لم يقبل أن تستضيف ساكنة تعيش بمفردها رجالاً في بيتها. لماذا؟ “لأني صعيدي ولا أرضى بالمسخرة”، والصعيد رمز الرجولة في صورتها النقية، وخميرة الذكورة التي لا تتغير مع تغير الزمن. استخدم المقاول تعبير “صعيدي” ليضع جريمته في إطار الدفاع عن “الشرف”؛ مع أن داليا ليست من “حريمه”، لكن الذكورة سمحت له بتوسيع حدود “الحريم” لتشمل عمارته، لتشمل النساء الوحيدات في العمارة ثم في الشارع والحي والمدينة والبلد كلها. دوائر تتسع كلما كان الرجل صاحب سطوة أو ملكية أو توكيل من السلطة التي تتعامل كما لو كانت الأب/الأخ الأكبر/الرجل الحامي الذي تجب طاعته أو إخضاع النساء لما تمليه عليه “ذكورته الجريحة”..

كل ذكورة جريحة بخروج النساء من حيز السيطرة والهيمنة، حتى إن “البواب” تحول من وظيفة كحارس إلى مندوب “الذكورة” في العمارة؛ يراقب أخلاق السكان ويتجسس على الحياة الشخصية، ويرفع تقاريره للذكر الأكبر (المالك أو الضابط) لينام مرتاحًا.. بواب العمارة كان واحدًا من فرقة “الذكورة الجريحة” التي أثارت هلع داليا ودفعتها لطلب الاستغاثة كما قالت جارتها الشاهدة، أو للقفز هربًا بعد تهديدها بالحكومة. الفرقة ضمت زوجة المالك وأحد الجيران، يحملون أدوات الصيد الثمين؛ أسلحة بيضاء وحبالاً وكاميرات التليفون المحمول والقوة المعنوية للباحثين عن فضيحة. والهدف كان الوصم، لإعلان السلطة وحدودها التي لا توقفها أبواب ولا قوانين، بل يحكمها قانون خفي يفرضه الأكثر قوة، القادر على صنع حكاية تخص “الهدف”.. بالتأكيد تجمعت خيوط هذه الحكاية قبل الصعود ودق باب داليا، لتنفيذ العقاب قبل استدعاء الحكومة.

قال المقاول قائد المجموعة إن داليا كانت بكامل ملابسها “بدلة رياضية رمادية اللون”، وقال شقيقها دفاعًا عنها “كانت تحاول الهرب من محاولة خلع ملابسها بالقوة وتصويرها عارية”، كانت الملابس جزءًا من الخبر ليبرر “رجال الشرطة” إدانتهم لمن قتل داليا؛ إذ كان لا بد لراوي الرواية الموزعة على المواقع والصحف أن يبرئ داليا، وأن يثبت أن ملابسها كاملة، وأنها لم تضبط في وضع الخطيئة. كان الراوي يبحث عن سند لتطبيقه القانون بإثبات أنها لم تكن “ست شمال” تسير على حل شعرها، أو تستقبل رجلاً في بيتها، وتنتهك الحريم الكبير الواسع الممتد.. وفي الروايات المدافعة كان الرجل بائع أنابيب، وبرر وجوده في ساعة متأخرة من الليل بظروف عمل “القتيلة”؛ فالزمن عنصر من عناصر الفضيحة، أو مبرر للجريمة. والرجل يسيطر على الزمن، يجعله وحدة لقياس “الفضيلة والأخلاق”؛ النهار للفضيلة، والليل للفضيحة، معروفة في أعراف الثقافات المحافظة، وخصوصًا تلك التي تهيمن عليها “الذكورة الجريحة”.

عصر فيكتوري في القاهرة
(اكتشاف عمره 20 سنة)

على الرصيف كتب جنس مهربة، تباع علنًا؛ من بينها الروض العاطر.. ذات مرةنشرتُ  فصلاً من كتاب “الروض العاطر”. وكانت الصدمة رد الفعل عند غالبية قراء الصحيفة. ونشرتُ فصولاً من كتب مهمة “الإسلام وأصول الحكم”، و”نقد الفكر الديني”، لكن الروض العاطر كان الصدمة. لم يتخيل قراء سنة 2006 أن هناك كتاب تربية جنسية من تأليف شيخ متخصص في الفقه.. وموجه أساسًا إلى الوزير “أي إلى أعلى سلطة في تونس”. تعوَّد القراء على أن الجنس مشروع خطيئة، لا مكان له في النور والعلن، بل في كهوف سرية، وفي علب بيع المتع الرخيصة.

الجنس ليس علاقة حرية.. أو رحلة في سبيل لذة “ربما اللذة الأقوى”؛ يتحرر فيها الجسد وتطير الروح خفيفة. والصدمة هذه المرة لم تتعلق بفكرة سياسية كبرى مثل الخلافة، يقدمها المهووسون بالتنظيمات الدينية كروشتة للخروج من أزمات الدولة الحديثة. ولا هو لعبة استخدام جنرالات الملكية العسكرية لفكرة انتظار الناس الغلابة للمعجزة من السماء، وتحويلها إلى غطاء لهزيمة ثقيلة. كان كتاب التربية الجنسية هو الصدمة، وهذا ببساطة لأن الجنس هو الوتر الحساس الذي نخفيه تحت أغطية ثقيلة من عادات النفاق الأخلاقي.

وهذه عادات ليست خاصة بمجتمعنا الشرقي “كما يروِّج أصحاب وهم الخصوصية الشرقية ليبرروا كل تخلف باعتباره تمسكًا بقيم أصيلة.. وليست قواعد دينية. بل هي عادات موروثة من الملكة ڤيكتوريا، التي حكمت عندما كان أسلوب الحياة الإنجليزي مثل الأمريكي الآن؛ الموديل القابل للانتشار؛ بداية من طقس شرب الشاي في الخامسة عصرًا، وحتى النظرة إلى الحب والجنس. عصر ڤيكتوريا هو قمة عظمة بريطانيا.. الإمبراطورية الغنية القوية التي لا تغيب عنها الشمس. وكان اسم الملكة هو علامة أبهة وقوة الإمبراطورية ودلالة على مجتمع أراد أن يصور نفسه نموذجًا للتمسك بالفضيلة والتقاليد، تمسك إلى حد التزمت.

اشتهر العصر بالحياة السرية التي يمارس فيها الأغنياء والأقوياء حياة سرية تتطرف فيها النزوات الجنسية إلى حدود لم تعرفها البشرية حتى الآن “وهذا ما جعل أشهر مواقع البورنو على الإنترنت تسمي نفسها بأسماء تنتحل أفكار العصر الڤيكتوري”.. وفي المقابل كان التزمت عنوان الحياة العلنية.. ادعاء للفضيلة والكلام عن الأخلاق الرشيدة.. وتعليمات بانضباط مهذب في علاقات الغرام. ڤيكتوريا نفسها كانت متطرفة في التمسك بالأخلاق، لكن الأيام كشفت فضيحتها مع خادم الإسطبل الملكي الذي أنجبت منه طفلة تستر عليها خبراء القصر وأخفوها في ألمانيا. وبدلاً من إعلان الحقيقة؛ وهي احتياج الملكة للحب بعد وفاة زوجها، مارست حريتها في السر.. كانت تلك سمة العصر الڤيكتوري.

ويبدو لي أن المجتمع المصري يعيش عصره الڤيكتوري.. لكن بلا أبهة، ولا قوة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. يمارس في السر ألعابًا مبتذلة في الحب والجنس؛ من الزواج العرفي، إلى انتشار شبكات بيع المتع الرخيصة إلى حد غير مسبوق، وبتقاليع على حدود التطرف، وكل هذا تحت ستائر ثقيلة من الالتزام بالشكل: الحجاب.. وترديد آيات دينية قبل كل لقاء غير شرعي. حتى إن بعض المحترفات بعد أن تقبض ثمن ليلتها تقول الحمد لله.. وفي عز العلاقة الساخنة تتوقف فجأة لأنها سمعت الأذان! في العصر الڤيكتوري الأصلي كانوا يهتمون بالأدعية المسيحية والملابس المحتشمة.. هكذا يمكن أن نفهم الاهتمام الكبير بكتاب الروض العاطر، وصب اللعنات، بعد أن يكون كل ما في الكتاب قد مر إلى مخزن القراءة السريعة.

الحريم
(ذكريات إعدادي)

ما هذا الكائن الغريب؟ لم يظهر الحجاب في مصر قبل سنة 1977. أول محجبة رأيتها كانت صدمة؛ كانت غريبة على مجتمع ترتدي النساء فيه ملابس عصرية، لا فرق بين مسلمة ومسيحية. هل ظهر الإسلام في مصر مع الحجاب؟! هل لم يكن هناك مسلمون مصريون قبل أن تضع النساء قطعة قماش على الرأس؟ هكذا شاهدت في حياتي وبالحركة البطيئة جدًا تحول الحجاب  إلى رمز الإسلام. أو الإيمان، وسط فائض من الشعور بالذنب ضغطت به جماعات تريد الحكم باسم الإسلام. تريد العروش تحت راية الدين.

من هنا عاد الحجاب الذي خلعته هدى شعراوي في محطة القطار لحظة عودتها من روما رمزًا لتحرر المرأة وخروجها من كهف القرون الوسطى.. عاد بالتدريج؛ أولاً كشعار سياسي لجمهور الحركات الأصولية الواسع والممتد في الجامعات والمصالح الحكومية. جمهور محبط من أنظمة تقهره وتعده بالخروج من عنق الزجاجة وهي تغلقها عليه. وكان الحجاب وقتها معركة على قطعة قماش هي علامة ورمز قبل أن تصعد موجات التدين الفردي بعيدًا عن التنظيمات.. وفي بعض الأحيان بديلاً عن نماذج التحرر الموجودة في أمريكا وأوروبا نفسها. احتماء بما يراه الشخص القلق خصوصًا في بيئته، وهذا المزيج من الاحتماء والتحرر هو الشكل العصري لتناقضات قائمة منذ 200 سنة بيننا وبين المجتمعات الحديثة. والحجاب هنا لم يعد شارة دينية أو سياسية، أو حتى دليلاً على تخلف أو رغبة في الرجوع للوراء (فقط) كما كان في السبعينيات وحتى التسعينيات. ربما هو إعلان فردي عن رفض التورط في “الحرام” السياسي والاجتماعي. وربما خيمة شخصية يجمع فيها شخص ما شتات نفسه الضائعة في مجتمع مفكك. أو خيمة عمومية مثل التي تقام لحظات الأوبئة والكوارث الكبرى. المرة الأولى التي ألمح فيها محجبة في الشارع كان في مدينة ليبية. كنت أصحب عائلتي في رحلة عمل طويلة (نهاية السبعينيات) وسألت: ما هذا الكائن الغريب؟ جسدها ممتلئ وطري.. بدت لي ملثمة من ملثمات الطوارق، لكن لا علاقة بين رشاقة عابر الصحراء والكرة المحجبة. كان الحجاب بالنسبة لي مثل زي رواد الفضاء؛ يخفي الجسد وينقله إلى وضع آخر، وضع الاستعداد للخطر. لم يرد أحد بإجابة كاملة، فقط همهمات حول تدينها. تطرفها. غرابتها. المرأة كانت المقصودة ولم يكن هناك كلام حول الإسلام. وقتها لم أزل طالبًا في نهاية المرحلة الإعدادية، وكنت أرى أمي مثل بقية النساء بفساتين عصرية، دون أكمام أحيانًا، وفوق الركبة بقليل أحيانًا اخرى. أصبح المشهد في الذاكرة تمامًا. وربما أحتفظ بصور أمي لا بدافع شخصي فقط، بل لأنها تمثل زمنًا أصبح بعيدًا.. أمي الآن محجبة، والمسافة بينها وبين صورتها الشابة لا تعبر فقط عن سنوات العمر بل عن حركة الواقع.. كانت تناوش من أجل حقها في المساواة؛ نزلت إلى العمل في سنوات صعود الثورة (آخر الخمسينيات وأول الستينيات).. لكن ابنتها (شقيقتي) تجلس في البيت وترعى الأولاد، وتضع صورتها بالحجاب الى جانب صورة زفافها بفستان نصف عار علامة على عهد “السفور”. الفارق بين أمي وأختي كبير، مع أنهما يلتقيان الآن في الإحساس بفكرة منفى الحريم. باختلاف بسيط: أن الابنة تطالب بالمساواة وهي لا تعمل، معتبرة أن عملها في البيت مهنة إضافية. شقيقتي  مشغولة برشاقة جسدها الذي تتمناه جميلاً وصحياً .. في ظل  محيط اجتماعي تتنامي فيه مشاعر تربط الأنوثة بالمرأة التي تنفصل عن جسدها وتعتبره كنزها الذي تشعر معه بالأمان. وهذه ليست إلا تناقضات مجتمع مهزوم. مرتبك. مفصوم. يستمتع بها. أو يبحث عن المتعة معها، ثم يلعنها.

الدلوعة
(ذكريات الجامعة)

أتذكرها دائمًا؛ كانت مشهورة في أوساط الكلية بالدلوعة. تشعر بالفخر بجسدها المكتنز قليلاً، وتتركه يتحرك بحرية في الجيب والبلوزة بالقماش الأملس. تذكر الجميع بالنجمة مديحة كامل؛ شفتاها شهوانيتان وعيناها واسعتان وابتسامتها على وجه خمري بملامح طيبة تميل إلى السذاجة، وحضورها يصنع بهجة ما.. ربما لأن جسدها رمز بارز للحرية وسط خلفية لأجساد فتيات بلا تفاصيل في الفساتين الواسعة وغطاء الرأس المتشابه إلى حد كبير. وكان عدد الطالبات في الدفعة قليلاً؛ يتكومن في جزء من القاعة المتسعة، ومن بعيد كان من الممكن تمييز اللون الأسود الداكن لحرير شعر “الدلوعة” بين الألوان الشاحبة لأغطية الرأس من القماش الرخيص.. كنا نعبر سنوات المراهقة، وفي مدينة مثل المنصورة يأتي أغلبية الطلاب من القرى المجاورة. ولكي تعبر البنت من قريتها إلى المدينة فرمز الأمان هو الفستان الواسع. وغطاء الرأس الذي عرف مع صعود الجماعات الإسلامية باسم: الحجاب. ظلت “الدلوعة” رمزًا للحنين إلى صورة الجامعة التي طالما حلمنا بها من خلال خيال السينما: المكان الواسع للحرية، حيث نلتقي بالفتيات بعد مراحل طويلة من العزل الانفرادي في مدارس “البنين فقط” خلال مرحلتي الإعدادي والثانوي، بعد الطفولة المختلطة في الابتدائية.

كنا ننتظر لحظات اللقاء الأولى بتوترها وشحناتها المراهقة، تسيطر علينا صور فاتن حمامة في “الباب المفتوح”، وسعاد حسني في” خلي بالك من زوزو”. سعاد حسني هي الأقرب: صورة طازجة ورثناها من الستينيات والسبعينيات.. الطالبة الجامعية والبنت المتفتحة.. علاقاتها “شريفة” في الضوء، دافئة وتتطلع إلى المستقبل، جريئة مقتحمة فعالة، قادرة على إثارة الرجال والنساء عقليًّا وعاطفيًّا وإنسانيًّا في الوقت نفسه.. صورة تجمع بين الطفولة البريئة والأنوثة الطاغية.. بين الإقدام المغامر والإحجام المحسوب. دخلنا من بوابة الجامعة نحلم بسعاد حسني. لكننا قابلنا مديحة كامل.. الهاربة من “حريم” الجامعة. كنا نراها خارجة مع القافلة من حجرة “البنات” فنشعر بالانتصار، ونتأكد أننا في الجامعة التي كان يحكمها في ذلك الوقت (منتصف الثمانينيات)؛ الجيل الثالث للجماعة الإسلامية. وقبل أن تمر السنة الدراسية الثالثة، هزمتنا” الدلوعة”؛ فوجئنا بها تتعثر في الفستان الطويل، والسعادة تقفز من وجهها بعد أن تغيَّرت ملامحه قليلاً مع حجاب اختارته مختلفًا، يظهر بعضًا من خصلات الشعر ويسمح للرقبة الفاتنة أن تذكر بزمنها القديم.. أقبلت الدلوعة علينا ولم تلتفت لصدمتنا “باركوا لي.. أنا ربنا هداني!” لم نعرف ما الهداية التي تقصدها، خصوصًا وأنها لم تُغيِّر من وقفتها معنا، ولا حتى لون الروچ المثير الذي تفضله، الشيء الوحيد الذي تغير هو ملازمتها لقافلة الحريم أكثر، وتبعته بعد سنوات تغيرات أقوى؛ جسدها ترهل، وأصبحت عصبية تجرى وراء أطفالها في الشقة المخنوقة التي اشتراها زوجها بالتقسيط، وتقلصت أحلامها إلى الحدود الدنيا لامرأة في القرن التاسع عشر. باختصار أصبحت نسخة طبق الأصل من أمها التي لم تتعلم ولم تحلم بفاتن حمامة ولا بسعاد حسني. لكنها كانت تمتلك خفة دم ملحوظة كانت واجهتها التي تقابلنا بها في بيتها الأكثر اتساعًا من بيت عائلتها (أوسع قليلاً من علبة السردين). واجهة تخفي تعاسة نهاية مشوار.. المثير بالنسبة لي أن عينيها تابعت بحثي عن أماكنها الفاتنة. وشعرت أنها استراحت لسعادتي بموديل ملابسها في العهد الجديد. لم تتغير الدلوعة؛ فقط أعلنت هزيمتها أمام إلحاح خطيبها (زوجها فيما بعد) حين قال: أريدك أن تتحجبي.. يريد أن يدخلها الحريم المعاصر الذي يقف في منتصف المسافة بين الخروج إلى الحياة بقوة وحيوية مع الرجال في الحياة، وبناء عائلات حديثة تقوم على فكرة الصناعة المشتركة للحياة داخل وخارج البيت. وبين العودة إلى البيت، كرمز للمكان المخصص للحريم، الذي يحلم فيه الرجل بجارية من عصر هارون الرشيد ترفه عنه.. وتحلم فيه بفضاء محظور على كل الرجال تشعر فيه إنها ملكة تنتظر السيد المالك للحريم!

كنت أفكر وقتها في فكرة الحريم؛ الكلمة كانت تكبر في الاستخدام العام لتدل على النساء. الرجل في البيت يصف بها زوجته، والرجال في العمل والشارع والأحاديث الخاصة يوثقون المعنى قبل الوصف. الحريم: هو الحرام والحرم.. أو المكان المقدس الذي يخضع دخوله لقوانين محددة وصارمة.. وهو في الوقت نفسه المكان.. والنساء اللواتي يعشن فيه ويملكهن رجل واحد هو الحامي والسيد. هذا المكان يقسم العالم الى فضاء داخلي أنثوي مستتر ومحرم على كل الرجال ما عدا السيد. وفضاء خارجي مفتوح لكل الرجال ما عدا النساء. بالمعنى المعاصر هو الخط الفاصل بين الشارع والبيت؛ خط يرسمه وجود المرأة. إعلان لسلطة على المكان فتُنفى  إلى مساحتها المهجورة، ليصبح البيت هو مكان المرأة، والشارع هو مكانها الاستثنائي الغريب. والحجاب هو رمز هذا المنفى.

جهاز رفض العالم
(ملاحظات ربع قرن)

 تسير المرأة المنقبة في الشارع وكأنها في جهاز يعلن رفضه لعالم سعى بقوة ليكون الشارع مكانًا للمساواة والحق في الحياة. والآن من المفترض أن المرأة ملك نفسها، لكن النقاب يحرك غريزة الملكية والسيطرة على جسد لا يقدر عليه. فيضعه في جهاز من القماش محمول معها ليخفيه عن الجميع، ويعلن أنه ملك لرجل يحمل صك الملكية. والرجال شطار، يحبون الشعور بالرجولة. ويتحدثون عن الرجولة الشرقية التي تختلف عن رجولة الغرب. المتسيب المتسامح. ويربطون بين الخضوع لملكية رجل واحد وبين اكتمال تدين المرأة. أي كلما حبست المرأة جسدها يتحقق إيمانها، فتقوم مسابقة بين النساء على التغطية والحبس؛ وينتصر الرجل، ويشعر أنه حقق انتصارًا على حضارة كاملة. والرجل المصري الذي يضع أفكاره في سياق ذكورة شرقية لن يجيب على سؤال: هل من الرجولة أن تقهر امرأة وتنام معها بوثيقة زواج لأنها تحتاج الى مالك.. أو لأن اهلها أجبروها أو لأنها مضطرة إلى الحياة في ظل رجل.. أم إذا اختارتك المرأة فقط لأنها تحبك؟

القهر أم الحب؟ السؤال صعب..

طريق البرنسيسة
(حكايات التاكسي)

فتحت باب التاكسي وقالت له “على إمبابة يا أسطى”. تعجب سائق التاكسي “البرنسيسة دي رايحة إمبابة؟” ولم يهدأ إلا عندما سألها. أجابته في البداية بصوت ناعم بارد “رايحة بيت العيلة”. وقبل أن تكمل، لمحت في المرآة الدهشة تأكل وجه السائق العجوز، فتركت فضوله يكبر، وقبل أن ينفجر قالت “على فكرة كان زماني عشت هنا ومت هنا لو ماعرفتش طريقي.. تعرف أنا رفعت رجلي بكام؟” الدهشة لم تجعله يردّ، فأكملت “500 جنيه”. وهنا عرف السائق أن “البرنسيسة” فتاة ليل. لكنه قبل أن يكمل تفاصيل الصورة المحفوظة في ذهنه أكملت “لكن أنا لسه بشرفي.. لسه بشوكي”، كانت تعني أنها لا تزال عذراء..

“الدعارة العذراء” ظاهرة مصرية بجدارة؛ ارتبطت بصعود النفاق الاجتماعي إلى حدود تحوَّل فيها إلى واقع متفق عليه. لم يعد غريبًا أن يعمل رجل قوَّادًا بشكل أو بآخر، ثم يخرج ويهتف في تظاهرات تهاجم الفساد الأخلاقي. ولم يعد غريبًا أن تقرر فتاة تغطية جسدها بالحجاب، ثم تبيعه لمن يدفع. لم تعد هذه الظواهر تثير الدهشة. هناك فوضى فوّارة تختصر القيم والشرف والأخلاق في علامات شكلية: ملابس حشمة، زبيبة صلاة، صوت منخفض وحجاب على الرأس. الكلام كله يبدأ بقال الله وقال الرسول، علامات لا تعني في الغالب إلا أن صاحبها يعرف الطريق إلى خداع المجتمع. وبعد قليل، يخدع المجتمع نفسه ويضع القواعد للنفاق؛ فالمرأة تنام مع رجل لا تحبه لأنه يملك الثروة أو السلطة، لكنها لا تحاسب كعاهرة لأن بينهما ورقة زواج. والرجل يمكن أن ينام مع العاملات في أرضه، لكنه يعتبر نفسه الشريف العفيف الذي يلوي شفتيه عندما يرى امرأة ترتدي ملابس خفيفة تشعرها بالحرية، ويغمز لمن حوله “شرموطة”.. هذه أعراض فصام كاملة الأوصاف. أعراض تصل إلى مداها في الظاهرة الجديدة: مومس وعذراء، تبيع جسدها، لكن ترفع عليه لافتة: ممنوع الاقتراب من غشاء البكارة. وبدلاً من أن تتعلَّم المراهقة في بيتها كيف تواجه الحياة الصعبة، تتقن دروسًا أخرى فيما يسمى: الجنس الآمن.

تقول أرقام شرطة الآداب إن 60 في المئة من المتهمات في قضايا الدعارة خلال السنين الأخيرة عذراوات. الحالات الفردية تحوَّلت إلى ظاهرة متعددة الطبقات؛ أحدثها بنات جامعات وعائلات مستورة ومحترمة تنتظر فرصة القفز إلى أعلى. وتبحث عن رجل يدفع فاتورة الهاتف المحمول وإيجار البيت وقسط السيارة. تجلس في المقاهي الغالية، حيث تجري الصفقة: بيع الجسد في مقابل الحياة اللذيذة.. صفقة عادلة تمامًا من وجهة نظر بنت الليل، التي تتعامل على أن أجرها ضريبة يدفعها الرجل لها وحدها نيابة عن ملايين الجائعين والمحرومين من عطف الحكومة والمجتمع. قانون من قوانين عالم بيع المتع الرخيصة. العالم السري أو الرقيق الأبيض. كلها مسمَّيات مرعبة لم تمنع يومًا فتاة جديدة من أن تلتحق بجيش بائعات الهوى. تجارة المتع السرية هي ميزان حرارة أي مجتمع؛ تكشف خباياه وأمراضه وحالته التي لا يظهرها إلى العلن.

والحكاية ليست فقط بنتًا فاسدة تعلمت مبكرًا الاستفادة من جسدها، بل موجة جديدة من بيع الجسد مقابل تلمّس متع الحياة. والمجتمع، الذي يرفض ويغلي لمجرد سماع سيرة فتاة ليل تعيش في الشارع، يخفي رأسه في الرمال. الموجة الجديدة تكشف تواطؤ مجتمع لا تزال فيه الذكورة مقدسة، حتى إن كان الرجل يجلس في البيت بلا عمل.

والتقليب مستمر!