إيفان بولاند

رسالة إلى شاعرة ماتت للتو

وإذ يموت الشعراء بالكورونا وأشياء أخرى

في هذا الأسبوع مات ثلاثة شعراء؛ لكن كما نعرف فالشعراء لا يموتون تمامًا.. ولا يحيون تمامًا.. موتهم خلود منقوص.. وعندما يرحلون يصعدون إلى حافة السماء ويجلسون في استرخاء لتدخين سيجارة لا تنتهي..
في القاهرة غيَّب الموت الشاعر المصري ميدو زهير (1974-2020)، بعد حياة قصيرة، كتب فيها عشرات القصائد، منها ما تحوَّل إلى أغنيات وجد فيها الكثيرون ممن عاصروا أحداث يناير تعبيرًا حساسًا عن غضبهم ومخاوفهم وهزائمهم، وعن هزائمه التي قضت عليه شابًا.
وفي كوبنهاجن توفي الشاعر الدانماركي من أصول فلسطينية يحي حسن (1995-2020)، بعد حياة لم تكد تبدأ؛ لكنها كانت مضطربة وقاسية وغاضبة ومعادية، معادية للجميع بالدرجة نفسهاأنا لا أحبكم أيها الآباء أيتها الأمهات أنا أكره حوادثكم، وأكره حجابكم وقرآنكم وأنبياءكم الأميين.. وآباءكم مغسولي الأدمغة.. وأطفالكم مغسولي الأدمغة.. وعيوبكم وصلواتكم ومساعدات ضمانكمترجمة دنى غالي“.
وفي دبلن رحلت الشاعرة والمؤرخة الإيرلندية إيفان بولاند (1944-2020). لو جمعنا أعمار الشعراء الثلاثة ستكون 145 عامًا.. عمر طويل متصل.. ورابط خفي يرونه جيدًا الآن.. يرونه أوضح مما سبق..
في إمكاننا الآن، وبينما نحن محبوسون في مصائرنا الضيقة، أن نفتش عما كتبوه، ونقرأه، ونعيد قراءته، لنتيقن أنهم باقون.. هذه رسالة كتبتها الشاعرة والمؤرخة الأمريكية إيمي إليزابيث روبنسون، إلى إيفان بولاند، التي غيَّرت حياتها، لكنها لم ترسلها، وطبعًا لم يعد في إمكانها الآن ترسلها.. لكن في إمكاننا أن نقرأها.

عزيزتي إيفان بولاند، أردت أن أرسل إليك رسالة

إيمي روبنسون

نحن لم نلتق قط، ولسنوات عديدة كنت أحمل رسالة إليكِ، لكني كنتُ قلقة من إرسالها. والآن أود إرسالها، لكنني لا أستطيع، لأنك متِّ للتو، في الحجر الصحي في إيرلندا.
عندما علمت بموتك، بعد صباح صعب مليء بالإحساس بالمعاناة من الكتابة، والغضب من الجدران والبشر من حولي، دفعت كرسيي وركضت مندفعة نحو غرفة نومي لأبكي، في مكان بعيد خال

إيمي روبنسون

إيمي روبنسون

من أسئلة الطفلين وبرطمانات المربى اللزجة ودروس المدرسة، لكنها مليئة بالغسيل والكتب والغبار. مخلفات الحياة المنزلية؛ المساحة التي نعرفها ونجعلها مقدسة وجميلة بينما تعمل. إن جزءًا من الحزن الكبير على موتك يعود إلى أنه حدث الآن تحديدًا؛ في الحجر الصحي المفروض على العالم بأسره.. قصائدك الرائقة الواضحة، عن المساحات الداخلية، والشموع، والسكاكين، وأصوات النساء، وحدائق المطابخ، لها معنى وثقل أكبر بكثير الآن.

نحن بحاجة إلى الانتباه فائق الحساسية لكلماتك. عندما نخرج من هذا المكان الغريب، من هذا الملجأ، دعونا نتذكر سطورًا مثل هذه: “نقف هنا في الخطوة الأمامية / نشاهد البراري تنفجر مرة أخرى“.. ونباتات متسلقة، طفرات، بتلات الزهور، كويكبات ونجوم النهار في عالمنا الصغير“.. وصدِّق.. ما فقدناه موجود هنا في هذه الغرفة.. في هذا المساء المُلثَّم“.

أشعارك ومذكراتكرحلة مع خريطتينأتاحا لي الفرصة كي أصبح امرأة شاعرة، وهي طريقة لتخصيص مساحة لصوتي الخاص بعيدًا عن التعب اليومي عندما كان أطفالي صغارًا جدًا. لكن مساراتنا المهنية لم تتقاطع قط. في الواقع، لقد بدا أنهما مختلفين بإصرار. كنتِ شاعرة أيرلندية في جامعة ستانفورد عندما كنت أعمل للحصول على درجة الدكتوراه في تاريخ الاستعمار البريطاني، لكنكِ لم تدرسي لي قط. وعلى الرغم من أنني لم أكن راضية عن حدود الكتابة الأكاديمية، بدتالشعريةأرضًا بعيدة بالنسبة لي. وبكلماتك الخاصة ما زلت أعتقد أناليوم العادي الذي عشته لم يكن من السهل تضمينه أو الترحيب به هناك“.

وعندما عدتِ لتدريس إحدى الدورات في ستانفورد العام الماضي كمؤرخة وشاعرة، بحثت عن مواعيد عملك في مكتبك لأرى ما إذا كان في إمكاني زيارتك وشكرك وإخبارك بقصتي.. وربما أعطيك الرسالة التي كنت قلقة للغاية من إرسالها إليك. ولكنك كنت في إجازة في أيرلندا، وبقيت الرسالة على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، في ملف خاص بها، غير مرسلة. الآن أعلم أنكِ كنت تعملين على مجموعة جديدة، ستنشر هذا الخريف، عنوانهاالمؤرخون“.. كان لدينا الكثير لنتحدث عنه: كيفية تجاوزالخط الوحشي القديمللحدود والتخصصات، وكيفية العثور على مرهم للندبات، التعلم، والانتقال من الأب إلى الابن، ثم القبوع في النهاية على رفوف النصر. لماذا أعتقد أنك لا تريدين التحدث معي؟ أين تعلمت هذا التحفظ؟ عمري 47 سنة. لماذا تطلبت مني هذه الشجاعة وقتًا طويلاً؟

في الليلة الماضية جاءت ابنتي البالغة من العمر 13 عامًا إلى غرفتي، بينما كنت أعمل على هذا المقال. وسألتني:
ماذا تفعلين؟“.

أنا أكتب عرضًا..

بشأن ماذا؟

حسنا، هل تعرفين الشاعرة التي بكيتها اليوم؟ أومأت برأسها.

لقد فتحت مساحة لتجربة النساء وأصواتهن في الشعر الأيرلندي. وقد كتبت لها رسالة ذات مرة لأخبرها ماذا يعني هذا بالنسبة لي. لكني لم أرسلها قط. لذلك سأكتب عن ذلك.

لماذا لم ترسليها من قبل؟

ظللت صامتة لبضع لحظات. وأنا أفكر كيف أقول لها هذا بصدق؟ ثم أجبتها

لأنني لم أكن أعتقد أنني مهمة بما فيه الكفاية.

نظرت ابنتي إليَّ مباشرة وهزت رأسها. أوه، يا للمفارقة الصارخة بعدم الشعور بالأهمية الكافية للتواصل مع شخص قام بأناقة بالكشف عن فكرة الأهمية نفسها! والآن يا إيفان، أنتِ ميتة، وأنا حزينة جدًا، أشعر بثقل شديدمن سيعرف أن الكلمات كانت، ذات مرة، احتمالات مخيبة للأمل؟“. ولكي يعرف شخص ما، ولكي تعرف ابنتي، ها هي ذي، أخيرًا، رسالتي المتلعثمة.

ينايريونيو 2016

عزيزتي إيفان،
أحملك في مظروف ورقي. أو بالأحرى، أحمل فكرة عنك. أو، بشكل أدق، فكرة كتابة رسالة إليك. يسافر المظروف الورقي داخل حقيبة قماشية، كانت هدية من زوجة أخي، وبجوارها اقتباس من لويزا ماي ألكوتإنها مغرمة جدًا بالكتب، حتى تشوش دماغها.” تنتقل الحقيبة على كتفي، أو في مقعد في سيارتي، من المنزل إلى المقهى إلى العمل بدوام جزئي، إلى المدرسة، أو إلى استوديو الكتابة الصغير، إلى غرف الانتظار للعمل بدوام جزئي، إلى دروس الرقص، إلى المنزل مرة أخرى.
نادرًا ما أخرجت المظروف من الحقيبة، لكنه موجود إلى جانب علبة الأقلام الرصاص والمجلة وقطعة شوكولاتة نصف مأكولة في كيس بلاستيكي وأزرار.. هي إذن رحلة ميدانية والكثير والكثير من أدوية السعال والمظاريف وفتات الأكل..

عزيزتي إيفان،
أريد أن أكتب لك رسالة.

عندما كان أطفالي في سن الثالثة والسادسة، وكان عمري 40 عامًا تقريبًا، قدم لي زوجي هدية مذهلة. رتَّب لي أن أسافر وحدي إلى أيرلندا، لمدة تسعة أيام. وقد كانت أيامًا مليئة بالحيوية، والأقلام الرصاص والحبر، والشاي العذب، والتمشية في دبلن وجالواي وأنيشير. عدت إلى قراءة القصص الخيالية مرة أخرى، مثلما كنت أفعل وأنا طفلة، ثم انغمست في قراءة أساطير كوتشيلان Cúchulainn ، وليدي جريجوري Lady Gregory وييتس Yeats. ثم بطريقة ماعبر مكتبة تشارلي بيرن على الأرجحوجدت باتريك كافانا Patrick Kavanagh وبولا ميهان Paula Meehan. ثم المزيد من ييتس. وعندما رجعت إلى المنزل وقرأت بنهم عن الجوع الكبير، مما قادني إلى تساؤلات حول عائلتي، وعن بعض المشاعر والصمت التي تربيت عليهما، وأيضًا كلمات الشاعرة نولا ني دومينيل Nuala Ní Dhomhnaill ، والتي أعتقد أنها قد بدأت إلى جانب شاعرة اسمه بولاند. نظرت إلى ذلك بتركيز، لأن اسم عائلة جدتي كان بولاند؛ وقد جاءت من أيرلندا في سن السادسة عشرة، وحدها على متن قارب مثل العديد من الآخرين. لكن بولاند هذه لم تكن دوريندا بولند، كانت إيفان بولند، كانت أنتِ.. وسط كل هذا لم أكن أكتب القصائد.. لم أصدق أنني أعرف شيئًا عن القصائد، ماذا.. أو كيف. وبدأت أيرلندا تصبح أكثر واقعية بالنسبة لي، ولكن ليس القصائد، لا.. لم تكن القصائد على خريطتي ..

عزيزتي إيفان،
أنظر إلى أكوام متراكمة من فواتير التأمين، ونماذج التسجيل، وقوائم المهام، وصفحات التلوين المدرسية، وأريد أن أكتب إليك رسالة. أستمع إلى ابنتي ذات الاثني عشر عامًا وهي تتحدث إليَّ وأنا متجمدة، أحاول فقط أن أفكرتفكيرًا سريعًا!- في شيء أقوله ردًّا على ذلك، وأريد أن أكتب إليك رسالة. يضغط عقلي على جمجمتي، وهو صدى لما فعله عندما دخلت في غيبوبة في سن الرابعة، وأريد أن أكتب لك رسالة. أنا أجلس في ردهة استوديو الرقص، محاطة بالأطفال والمراهقين وهم يرتدون الشورتات القصيرة، وشعرهم على هيئة ذيل الحصان، ينقرون على الأرض بأحذيتهم، ويدورون ويثرثرون ويراقبون أنفسهم في المرايا، وأريد أن أكتب إليكِ رسالة. لذلك أخرج دفتر يومياتي و.. أنا أكتب إليك..

عزيزتي إيفان،
كنت هادئة، أحاول العثور على سؤال واحد أطرحه على الأقل يبرر دافعي للكتابة، وربما يمنحك سببًا للقراءة أو الرد. لكن ذهني قد تشوش مؤخرًا. لذلك ليس لدي أي شيء أكتبه..
ما لديَّ هو إعجاب جاد لك، وحنين. جديتي محرجة في بعض الأحيان. لكن معلمة الزن Zen تقول إن هناك مساحة داخل الشوق، وأنا أصدقها. لقد شعرت بها، وهذا ما يمنحني الشجاعة للكتابة..

عزيزتي إيفان،
ليس لديَّ شهادة في الأدب، ربما ليس من المفترض أن أقول هذا، ولكن كل المجلات الأدبية الجادة تشعر بالارتباك تجاه أصحاب الشهادات الأدبية، فتجد إعلانات عنهم، ومقالات بشأن من ذهب إلى أين ومن الذي عمل مع من.. إذا كانوا شبابًا، فهم جزء من المشهد الأدبي العصري. وإذا كانوا مسنين، فإنهم لا بد محترمون ويكتبون منذ أمد بعيد. وأنا أريد أن أكتب.. أريد أن أكتب إليكِ رسالة. من أنا لأريد أن أكتب إليكِ رسالة؟ أو أرسلها؟

إيفان بولاند

إيفان بولاند

عزيزتي إيفان،
أريد أن أكتب إليكِ رسالة ولكني أجد صعوبة في إيجاد الوقت.. أنا الآن أجلس على الأرض بجوار ابنتي وهي تبني نموذجًا لكنيسة سانتا كلارا الواقعة في شارع كامينو ريال. نستمع إلى أناشيد عيد الميلاد باللغة الأيرلندية، ولا أفهم كلمة واحدة. وأنتِ على بعد بضع مئات الأميال شمالاً، لكن المسافة تبدو أبعد من ذلك..
عمري 43 سنة الآن. وقد بدأت في كتابة الشعر، أو الوقوع في الشعر في سن 41.
في مكان ما بجوار سريري، ووسط كومة من الأشياء هناك مسودة لقصيدة، حررتها أنت ومارك ستراند. أنا في منتصف الطريق تقريبًا. في مكان ما في هذا الكومة، كتاب مذكراتكرحلة مع خريطتين، هناك خطوط تحت العديد من السطور، وملاحظات مكتوبة بالقلم الرصاص في الصفحة الفارغة الأخيرة. هزني جدًّا بحثك، ووحدتك كأم، وتحولك إلى هذا النوع من الاستبطان الذي يمكن أن يكون تعبيرًا عن حياتك..
إنني أتذكر نفسي داخل مجال التاريخ، أتذكر صمتي، ومعرفتي المؤكدة بأن التأويل والتحليل ليس في إمكانهما أن يحتويا شغفي لموسيقى اللغة، أو رغبتي في التعبير الكامل عن هذا العالم الجميل المحطم.. عندما أصبحت حاملاً في ابنتي ابتعدت عن الأوساط الأكاديمية، ولكن الآن تراخى تمامًا يقيني الصارم عن أن المسألة يجب أن يكون إما / أو.

لقد قمتِ بخطوة جعلت حياتك تسترد أنفاسها على هيئة قصيدة، تتصاعد من داخل أعماق التفاصيل العادية؛ الحفاضات، والجيران، والنساء في الأساطير، والسلالم في الليل. وصولاً إلى النموذج؛ لقد فتحتِ هذه العلاقات، ودخلتها، ثم أعدتِ تصميمها من جديد..

أحتاج إلى هذا الفتح في حياتي.

عزيزتي إيفان،
كتب لويس هايد [كاتب وشاعر أمريكي من مواليد 1945] في كتابهالموهبة“: “كتابة قصيدة، تربية طفلهؤلاء هم العمال.. بمجرد أن تختلط بنا الموهبة.. يصبح الأمر متروكًا لنا لتطويرها.. لا بد أن يكون هناك عمل تبادلي لإنضاج الموهبة“.

لقد أخرجت المظروف من الحقيبة.

عزيزتي إيفان،
حان وقت النوم. وأنا متعبة جدًّا. أنا أفعل الكثير. نعم، أفعل الكثير، ودائمًا ما أشعر دائمًا أنني لا أفعل ما يكفي. تكومت على أرضية غرفة النوم. ضوء القمر يتسلل من نوافذ السقف، وفي أذني صوت صراصير الليل. ينحني زوجي، وحول رأسه هالة من الضوء، ويضع يده بحذر على فخذي، ويقول بهدوءلقد أرهقتِ“. كنت أريده أن يُبعد شيئًا ما عني، لا أدري ما هو هذا الشيء؛ ليس أطفالي. وليس الشيء الآخر الذي لا يمكن لأحد أن يسلبه الآن، لكنني ما زلت أخشى خسارة الشعر، والموسيقى، والكلمات، والموهبة.

عزيزتي إيفان،
أكتب إليكِ رسالة، وليست لديَّ أي فكرة من أين أبدأ

عزيزتي إيفان،
يبدو هذا قديم الطراز جدًا؛ أن أكتب لك رسالة، لكن الأمر يبدو حقيقيًّا. أريد أن أسألك عن المساحة الأسطورية الغائرة بداخلييمكنني الطهو/ صنع القهوة/ وربما تنظيف الخشب، ثم ثانية يظهر/ البلور، العالم الآخر“.

أريد أن أعرف ما يمكن أن تقوليه؛ ليس لشاعرة شابة فحسب، بل لشاعرة في منتصف العمر ذات عقل بدأ للتو في التعمق في الأشكال والتقاليد والإيقاعات التي قد تبدو للشاعر الذي بدأ صغيرًا مثل طبقة ثانية من الجلد. عندما أصبحت أمًا في الرابعة والثلاثين من عمري، لم يكن عندي أي للعودة إلى خضم بحر مهنتي. كنت ضائعة، بلا هدف، لست متأكدة حتى ما هو البحر وما هي الأرض..

لقد أعادت الأمومة ترتيب أموري. أو ركزت عملية إعادة الترتيب التي كانت على وشك أن تحدث.. والآن أشعر بأنني عجوز. أشعر أيضًا أني عارية، وأنا أكتب هذه الرسالة، أشعر أن عظام عقلي الباطن، وبقية عظامي، تظهر من خلال بشرتي.

خريطتي لا تتطابق مع خريطتك، مع أنك تساعدينني على رؤية خريطتي بوضوح أكبر.

السؤال من أنا؟ يجب أن أكون أرضًا مهجورة ينبغي عليَّ أن أعبرها وحدي بطريقة أو بأخرى.

عزيزتي إيفان،
ما رأيك في المساحات الفارغة على الخرائط؟

هناك حكاية شعبية صينية قديمة عن امرأة شابة تدعى تسين؛ تغادر المنزل لتتبع عشيقها السري. وبعد سنوات تعود، لتجد نسخة أخرى من نفسها كانت نائمة طول الوقت. تقوم المرأة النائمة وتأتي إلى الباب، تلتقي النسختان، وتندمجان في نسخة واحدة. تخبرنا القصة أن تسين كانت منفصلة عن روحها، تخبرنا القصة. من هي تسين الحقيقية؟

عندما سمعت هذه القصة شعرت بنفور قوي من إسقاط انفصالاتها وخلاصها الظاهر على حياتي. أردت فقط أن أتركها حية في داخلي.. عندما يشكو ابني من أنه لا يجد أيرلندا في أطلس الأطفال أُخبره أن ليست كل البلاد موجودة في هذا الكتاب، ليست كل اللحظات موجودة في تلك القصة. أنتِ تعلمين أن هناك أماكن ومشاعر وامتدادات زمنية قد لا نتعلمها على الإطلاق..

عندما سمعت قصة تسين مرة ثانية، انجذبت إلى المساحة الفارغة بين مغادرتها ونومها في المنزل، وهي مساحة فارغة جدًّا وكأنها صمت. واعتقدت فجأة أنه لا توجد خريطة، فشعرت بحزن عميق ومؤثرولكن ليس ساحقًالمعرفة ذلك. كان حزن معرفة الحقيقة. وفكرت فيكِ، وفي موهبة قصائدك، وهدية حكايتك في أن تصبحي شاعرة امرأة، والهدية التي قدمتها لكتابة هذا الكتاب عن العديد من الشاعرات، والعديد من الخرائط المختلفة.

عزيزي إيفان،
أكتب رسالة.. وأكتب حياتي.. ليس لدي خريطة.
أحاول أن أتدخل كل يوم، كما لو كنت أسكن في تلك المساحة الفارغة، مثل المسافة بين مقاطع الشعر في القصيدة.. وأعتقد أنه قد يكون لديَّ ما يكفي.

28 أبريل 2020

عزيزتي إيفان،
أردت أن أكتب لك رسالة.

في الواقع، لقد كتبت. كتبت وكتبت وكتبت.
لكني لم أرسلها.

هناك شيء بداخلي يشعر بالخجل الشديد من ترددي. لكن هذه هي الخريطة التي تقاطعت فيها مساراتنا في النهاية، عبر اللغة على الأقل، ولا يمكنني تغيير ذلك.

أنا لا أكتب لأن حزني وخجلي غير عاديين، ولكن فقط لأنهما حقيقيان. ليكن هذا أنشودة للعمل البطيء.. عمل مبدئي عن التراجع، والخلق، والشفاء.
ليكن نوعًا مختلفًا من الثناء: ليس إعلانًا واضحًا بالإنجاز، بل شهادة للأيام العادية والمعقدة والأصوات والحياةأيام النساء وأصواتهن وحيواتهنالتي سلطتِ عليها الضوء.

ليكن هذا هو الشكر الذي أتمنى لو أتيحت لي الشجاعة أن أضعه في مظروف أبيض متغضن قبل وقت طويل من انتشار الوباء العالمي.

إيفان علَّنا نلتقي خارج التاريخ.. على الرغم من أننا متأخرون للغاية. نحن متأخرون دائمًا“.

امتناني
إيمي

إيمي إليزابيث روبنسون، شاعرة ومؤرخة، ومحررة مجلة مؤسسة Pacific Zen في نسحتها الإلكترونية. تعيش في كاليفورنيا مع عائلتها.