نادية لطفي: أول حوار

في 5 أكتوبر 1958 عُرض فيلمسلطانللجمهور للمرة الأولى، وهو من بطولة فريد شوقي، ورشدي أباظة، وبرلنتي عبد الحميد، والوجه الجديد آنذاك نادية لطفي؛ في الفيلم الذي شاهدته زمان، وعدت وشاهدته أخيرًا؛ لاحظت أن فريد شوقي، الرجل الشرير الذي أصبح شريرًا بعدما كان طيبًا، يصفع بطلتي الفيلم، برلنتي ونادية، لأكثر من مرة، وقد دهشت فعلاً؛ كيف طاوعه قلبه أن يصفع نادية لطفيفي الحقيقة لم أهتم حين صفع برلنتي.. عادي.. سامحني يا رب!” خصوصًا وقد كانت نادية في قمة جمالها وطزاجتها، وبقليل من البحث عرفت أن  سلطانكان أول أفلامها، بعد أن اكتشفها المنتج رمسيس نجيب (8 يونيو 1921 – 4 فبراير 1977)، واختار لها اسمها الفني، وهي أصلاًبولا محمد شفيق، ويبدو أن رمسيس نجيب كان متحمسًا لنادية كثيرًا، وبذل جهدًا كبيرًا في الدعاية لها، قبل حتى أن تظهر على الشاشة، وهذا الحوار الذي ننشره على مدينة، هو حوار أجرته مجلةالشبكةاللبنانية، وهي مجلة فنية لبنانية كانت تصدرها دار الصياد بداية من 1956، وحتى 1985.. والغريب أن الحوار كان في 7 يوليو 1958، أي قبل عرض الفيلم بسنة وثلاثة أشهر!

أول حوار مع نادية لطفي، مجلة الشبكة، 1958

أول حوار مع نادية لطفي، مجلة الشبكة، 1958. من أرشيف باسل قاسم من جمعية عربية للموسيقى – عِرَّب


القاهرةمن عاطف السمرا

ثلاثة شهور فقط مضت على الوجه الجديد نادية لطفي في ميدان السينما، فقد قامت بدور البطولة أمام فريد شوقي في فيلمسلطان، والفيلم لم يعرض بعد.. ومع ذلك حظيت بعقد من المنتج رمسيس نجيب على احتكار جهودها لمدة سنة، وأصبح الحديث عنها في الصحف والوسط الفني كالحديث تمامًا عن ممثلة كبيرة من الممثلات المعروفات..

وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا الشيء في السينما المصرية، فقد جرت العادة أن يتناول الحديث الوجه الجديد على الأقل بعد مشاهدته في فيلم من الأفلام.. فكيف حصل ذلك!

إن هذا ليس حظًا أو صدفة كما يتبادر إلى الأذهان، وليس ضربًا من ضروب الدعاية، يتعهد بها المنتج لمحاولة الكسب. لأن السينما ليست حظًا أو صدفه، ولأن، وهذا هو الأهم، حديث رجال السينما عنها يصل إلى حد التخوف منها على وجوه كثيرة
سبب ذلك يرجع إلى نادية نفسها.. هي صاحبة الفضل فيه كله.. إنها ممثلة قوية.. هكذا يقولون!
وقصتها ليست أعجوبة، بسيطة جدًا، فقط التقى بها المنتج رمسيس نجيب صدفة، ووجد فيها مادة صالحة للسينما، فعرض عليها الظهور في فيلم من إنتاجه، ولكن أهلها رفضوا، ثم عادوا فقبلوا، وتم كل شيء.. وهي من عائلة غنيه تربت في مدرسة، وتزوجت من موظف حكومي كبير، وعمرها 25 عامًا.
والتقيت بها.. وتأملتها طويلاً وكثيرًا.. فوجدت أنهم يظلمونها.. يبخسونها!

سأصفها أولا.. طويلة، بشرتها بلون حبه المانجا، لها وجه تشبه فيه الإيطاليات، وأكثر تحديدًا الالمانيات وتحمل جسم شرقية ممتلئ، أحلى ما فيها أنها تبدو من بعيد كالغزال، ومن قريب كالهِجان!

قلت لها:

  • لماذا عملت ممثلة؟

لأنهم قالوا إنني أنفع للسينما..

  • وهل كان هذا صحيحًا؟

اكتشفت ذلك..

  • هل سَرَّك الاكتشاف؟

كثيرًا..

  • لماذا؟

لأنه من المبهج أن يجد الإنسان في نفسه أشياء لا يعرفها فيها..

  • هل أنت نادمة لأنك لم تكتشفي هذا من قبل؟!

زي بعضه.. كل شيء في وقته مناسب كما يقول المثل..

  • لماذا مانعت العائلة عملك في السينما؟

لأنها كانت تظن بفكرة خاطئة عن السينما. ثم وجدت أن أكثر ذلك إشاعات وأقاويل..

  • كيف وجدته؟

بعد أن اختلطنا فيه..

  • ومن أين كانت لهم تلك الفكرة؟

من الإشاعات التي تسمعها..

  • هل تخافين الإشاعات؟

لا.. لكن لها تأثير على الإنسان!

  • هل أنت سعيدة في حياتك؟

جدًا..

  • وما هي السعادة؟

زوج مناسب تحبه.. وحياة موفورة.

  • ومن يكون الإنسان شقيًّا؟

عندما لا تتوفر له المقومات التي ذكرتها ليكون سعيدًا..

  • وإذا كان الإنسان شقيًّا، ماذا يفعل ليكون سعيدًا؟

بالجهد والعمل المتواصل..

  • هل أنت عصامية؟

طبعًا..

  • وإذا كنت سعيدة جدًا هل تتمنين سعادة أكثر؟

طبعًا.. إنما أعتقد بأنني أعيش في كنف زوجي في سعادة تامة..

  • هل تتوقعين نجاحك في السينما؟

لم لا، طالما أن المنتج رمسيس نجيب وهو منتج يعرف كيف يختار ممثليه احتكر جهودي لمدة سنه مبدئيًّا.. وأكثر من ذلك قدمني بطلة إلى جانب فريد شوقي في أول فيلم أظهر فيه..

  • وما هو معني ذلك بالتحديد؟

معناه أن لدي الإمكانيات لأتحمل بطولة فيلم، ويتوقع لي النجاح فيه، وفي غيره مما يتقدم.. أنا أعتقد أنهم يعتبرونيلُقطةوإلا لما أقدموا على هذا العمل الذي يعتبر مغامرة.

  • وإذا فشلت هذه المغامرة؟

قل لا سمح الله..

  • لا سمح الله!

لن أفشل.. لأن رجل السينما عندما شاهدوني وأنا أمثل مع فريد شوقي تأكدوا من أنني لم أخيب نظرتهم بي.. لقد أثبت أني فعلاً ممثلة!

  • هل تحبين المغامرات؟

أيوه.. فالحياة إذا لم تكن مغامرات فهي تافهة مملة..

  • وأي نوع من هذه المغامرات تحبين أن تكون الحياة؟

كلها.. فالعمل فيها مغامرة.. والحب والزواج.

  • وأي نوع من المغامرات سيكون لونك في السينما؟

لن أخط لنفسي لونًا معينًا.. فسأحاول أن أظهر في جميع الأدوار حتى أثبت أنني ممثلة قديرة عن حق..

  • هل يكفي للوجه الجديد أن يكون جميل الشكل حتى يناسب السينما؟

إذا لم يكن لديه إمكانيات للتمثيل فالجمال وحدة لا يكفيه.. فأحيانًا كثيرة لا يكون الممثل جميلاً في الشكل، ولكنه يكون قديرًا في التمثيل، فتغطي قدرته على جمال صورته.. وأنا عندما كنت مجرد إنسانه عادية وأشاهد الأفلام كنت أنظر إلى مدى إجادة الممثل أو الممثلة في تمثيلها، ولكنه كان يعجبني أن يكون الممثل جميلاً وبارعًا في نفس الوقت..

  • قلت إنك كنت مجرد إنسانة عادية فماذا أصبحت الآن؟!

ممثلة..

  • وهل الممثلة ليست إنسانة عادية؟

أنا لم أقصد أن اقول إن الممثلة ليست عادية، وإنما قصدي.. أنني عندما لم أكن ممثلة..

  • هل عندك خبرة عن متطلبات الجمهور من الممثلة؟
    أيوه!
  • وماذا يطلب منها؟

أن تكون ملكًا له..

  • هل أنت من أنصار هذا الرأي؟

في حياتي الفنية طبعًا.. لكن في الحياة الخاصة فهي ملك كل إنسان وحده..

  • ومن يعجبك من الممثلين؟!

كلهم كويسين وأولاد حلال.

  • مع من تحبين التمثيل معهم؟

من يقتضي دوري أن أمثل معه..

  • ومن المخرجين من يعجبك إخراجه؟

أنا أعرف صلاح أبو سيف وسيد بدير..

  • هل توافقين على القبلة في السينما؟

أنا أقوم بالعمل الذي يطلبه دوري تمامًا.

  • ماذا تطلبين من الجمهور؟

أن يكون عند حسن ظني به..

  • ومتى تعتقدين تحصل هذه الأمنية؟

عندما أكون عند حسن ظنه بي.

أرشيف المدينة

مجموعات مختارة من صور و قصاصات صحف و قطع صوتية  ومصورة، تذاكر، طوابع بريد، إعلانات، بطاقات بريدية، تحكي كل منها حكاية عن علامات و مسارات و رحلات سكان المدينة، ليس من قبيل الحنين  إلى الماضي، أو  صناعة أصنام من الماضي ..ولكن للتحديق في  طبقات المدينة التي لا نراها.