تعرَّف الجمهور المصري للمرة الأولى على الحلوة هدى من خلال حلقة برنامج “أهلاً وسهلاً” الذي ظهرت فيه فيروز مع سلوى حجازي.. جلست هدى كالحمامة الوديعة بين الأخوين رحباني في الصف الأول للجمهور، ووضع أنيس منصور، مُعدّ البرنامج، سؤالاً عنها للتعريف بها، فقامت إحدى الجالسات بين الجمهور وسألت فيروز عن أختها الآنسة هدى حداد ومزايا صوتها.. أجابت فيروز “أختي بتغني الأغاني الخفيفة.. إلها لون خاص.. وما بتعمل حفلات، بتشترك معنا بس بحفلاتنا.. وبالتليفزيون“ ثم عُرِض كليب أغنية رزق الله ع العربيات لهدى..
بعد مشاركة برنامج “ضيعة الأغاني” في مهرجان التليفزيون العربي في نوفمبر 1966، بدأ التليفزيون المصري يعيد عرض البرنامج الطريف بين الحين والآخر بدايةً من العام 1967.. لعبت هدى حداد دور مقدمة البرنامج اللطيفة، التي تتجول في ضيعة الأغاني الخيالية وتعرِّف عن شوارعها.. كتب صلاح عطية في جريدة المساء عن البرنامج يقول “ضيعة الأغاني هو برنامج يحتوى على أغاني فيروز وشقيقتها هدى حداد ونصري شمس الدين ومحمد مرعي ورقصات الفرقة الشعبية اللبنانية، وأذيع أكثر من مرة بين برامجنا بعد المهرجان.. وفكرة البرنامج الذي يربط هذه الأغاني والرقصات أن هدى السائحة تصل إلى ضيعة الأغاني التي عُرِفَت بالمرح والغناء.. وتستطيع أن تدخل الضيعة بعد أن تبرز جواز سفرها، وهو عبارة عن آلة موسيقية صغيرة..
وفي الضيعة تبدأ هدى؛ مقدمة البرنامج، جولاتها فتلتقي بسكان الضيعة وبمعالمها المختلفة.. هناك تلتقي بفيروز؛ إحدى بنات الضيعة.. تارة تروي قصة الجسر العتيق.. قصة فلسطين ومأساة الشعب الذي طُرِد من وطنه.. وتارة تردد أشعار جبران خليل جبران، أو تقف مع مجموعة الأهالي تطربهم في سهراتهم.
وتصل هدى إلى مركز جمعية (الجمعية) التي يرأسها نصري شمس الدين، وتتمكن من متابعة جلسات الجمعية التي تحيط بها السرية التامة، والتي يتضح أن أعضاءها يتبادلون رواية ما سجله دفتر ذكريات كل منهم من أسماء لفتيات عرفنهن في أغنية طريفة..
أيضًا في هذا الجو نجد لأغاني الحب مكانها، فجورجيت الشابة الجميلة تنتهز كل فرصة لترسل إلى حبيبها الغائب رسائلًا تحمِّلها شتى الأخبار والأشواق.. وهناك أيضًا عبده الذي أحبَّ غندورة والذي لا يريد سواها حبيبة له.. وفي هذا الجو المعطَّر بالألحان وبالذكريات تقع عينا هدى على عربة قديمة أهملها الزمان على حافة الطريق، وتتذكّر هدى طفولتها والنزهات الجميلة التي كانت تقوم بها في مثل هذه العربة، فتغني رزق الله ع العربيات..”.
في 5 ديسمبر 1966 بدأ العرض التجاري لفيلم بياع الخواتم في القاهرة والإسكندرية، واستمر بنجاح حتى منتصف يناير1967 ثم انتهى عرضه ورُفع من دور العرض.. لكن في 24 أبريل 1967 بدأت الشركة العامة لتوزيع وعرض الأفلام السينمائية بطرح مجموعة من الأفلام اللبنانية في دور العرض للجمهور المصري؛ هي “عقد اللولو” لصباح وفهد بلان، و“عتاب” لسميرة توفيق ومحرم فؤاد، و“حسناء البادية” لسميرة توفيق أيضًا، ومعهم أعادت عرض “بياع الخواتم” مرة أخرى في سينما “ريالتو” بالضاهر و“الحرية” بمصر الجديدة، واستمر عرضه حتى نهاية مايو 1967.
يقدم يوسف شاهين هدى في أول استعراضات الفيلم بفرح واحتفال وحب.. الكاميرا تتحرك وهدى تتحرك مع مقطع “يا حلوة جننتي السهرة“.. إن كانت فيروز هي البطلة الأولى الدائمة المطلقة في أعمال الأخوين، فهدى هي البطلة المسموح لها بالحب.. إنها الشابّة الحالمة المتكئة بأمان وطفولة على قدمي فيروز في أغنية إمي نامت ع بكّير.. وفي أغنية “حيّدوا الحلوين” يصنع يوسف شاهين، بذكاء وشاعرية دقيقة حساسة، منها ومن الشاب الجميل “مهنّى” بطلين للأغنية، ليتم تقديمها عبر الفيلم دون أي افتعال..
عادت الصحافة تتحدث مرة أخرى عن الفيلم، بعد إعادة عرضه، وكتب د.مصطفى محمود ضمن مقاله عن الفيلم “وأعجبني في فيلم بياع الخواتم الاستفادة من اللون بالمناديل الملونة، والخرز الملون، والزجاج الملون، حتى الجردل البلاستيك كان ملونًا، والجرّة ملونة، والشيلان ملونة، والقناديل ملونة.. والتصوير من خلف الشيلان الهفهافة، ومناديل الحرير الشفافة نجح في إعطائنا ذلك الامتزاج الحلو بين الحلم والحقيقة.. ووجه هدى أخت فيروز كان عذبًا جذابًا حلوًا، وعيناها كانتا ثرثارتين فصيحتين.. ومواهبها ترشّحها لأن تكون ممثلة ذات شأن في روايات الحب، وبريمادونا يتعذب في هواها العاشقون“.