حتى تتدحرج على الأرض ضاحكًا – عن فيلم حُشود

شاهدت الفيلم قبل أن أقرأ ما كتبه الفنان عنه، أردته أن يفاجئني. ثم وجدت نفسي في رحلة راقصة ما بين الخوف والسُكر. لقطة واحدة صُورت في باريس. عشر دقائق يتخللها مزيج من المشاعر المتضاربة، صُممت بعناية لتبتلعك حتى تتدحرج على الأرض ضحكًا. 

-هل ابتلعت جسدك في داخلك بعد؟

“لا، أعتقد أن هناك فارقًا في مقاساتي 

المساحات تتضاءل من حولي

كما أن شاشتي أصبحت شباكي”

{…}

بدأ الفيلم من شباك غرفة مزدحمة بالأخبار. أسمع ضوضاء في الخلفية، تبدو لي كصدى الكتلة المحتشدة بالخارج. ظللت أول خمس دقائق من الفيلم غير متأكدة من مشاعري تجاه البطل. لم أكن متأكدة من البطل، لذا حاولت أن أحدد موقعي من خلف الشاشة. هل أنا جزء من الكتلة أم دخيل عليها؟ لا أستطيع أن أري من خلالهم كما أنهم لا يروني. لكنني ألاحقهم في كل مشهد.

“اللغة؟ ليست دقيقة في أغلب الأحيان

تذكرني بطعم حمضي في فمي

سأحاول ألا أتذوقها، 

أريد أن أسبح في وعائي

في كتلتي وكياني،

في مرارة جسدي”

{…}

تملكني الأداء الجسدي بحركاته البسيطة المستوحاة من الحياة اليومية التي حملت جماليات التكوينات البصرية النحتية. يدفعني هذا لمساءلة كتلتي، داخلي ومن حولي. تعاملت تلك التكوينات مع حركة الكتلة في المساحات دون أن تفقد حميمية الأجساد فيها. بعبارة أخرى، ركز الفيلم على استخدام لغة الجسد بديلاً عن التعبيرات الشفوية المحدودة، واستبدل بها موسيقى مكثفة ظلت تتصاعد بالتزامن مع دقات قلبي حتى بلغت ذروتها في الدقيقة الثامنة.

-هل جعلتك اضطرابات العالم ضئيلاً؟

“لست متأكدًا من ذلك، ربما لست ضئيلاً

ولكن أشعر أنني مُلاحق في كل مكان،

 تجدني لأراها، 

ثم أقرر كيف أراها،

 تعجبني أم أحبها؟

 تضحكني أم تفاجئني؟

 تحزنني أم تغضبني؟”

{…}

طُوِّرَ الفيلم في إطار ورشة عمل «دانس أون سين»، وتضمن 40 راقصًا من الهواة. سعى الفيلم إلى أن يعكس الحالة العامة المرهقة المحيطة بنا كمحاولة للتساؤل عن آليات تعاملنا معها. القضايا الاجتماعية المرتبطة بالمدينة وتفاعلنا فيها، تلك التي تتغير باستمرار، وفقًا لموقعك الحقيقي أو الافتراضي، لديها النفوذ الكافي لتتحكم في حياتنا اليومية ونراها بوضوح على الإنترنت.

“كيف يمكنني أن أستعد؟

أين عليَّ أن أنظر؟

أي باب عليَّ أن أفتح؟

يراودني إحساس دائم أنني مخدر

ربما عليَّ أن أتدحرج قليلاً

أن أكون من الكتلة أو أكون منبوذًا

أن أقاوم أو أترك نفسي للتيار

 أن أحاول تذكر ما أعرفه عن الحياة”

{…}

سهير شرارة

سهير شرارة، فنانة بصرية معاصرة تخرجت في كلية التربية الفنية بجامعة حلوان. تعتمد في أعمالها على البحث من خلال استجواب الحياة اليومية المرتبطة بالمجال العام في وجود التكنولوجيا. تهتم سهير بالفنون البصرية والأدائية، كما تهتم أيضًا بالأساليب التكنولوجية المختلفة ومدى تأثيرها على هوية الفن والفنانين. وتختبر استراتيجيات مختلفة تتعلق بالصوت والصورة والنص في وجود الجسد أو غيابه. عرضت أعمالها الفنية في مهرجان القاهرة للفيديو بمدرار، ومركز الصورة المعاصرة (CIC)، وتاون هاوس جاليري في القاهرة، مصر، وكذلك في مهرجان مداتاك في مدريد، إسبانيا.


طوِّر هذا النص من خلال فراشات لا تجري نحو الضوء، وهي ورشة عمل حول نقد الأفلام الإبداعية التي عقدت في يوليو 2019 كجزء من مهرجان القاهرة التاسع للفيديو. مزيد من المعلومات حول الورشة هنا.