أن تلاحقك تلك الرائحة – عن فيلم تراب

الشاشة مقسمة إلى تسعة كادرات،

في قاعة يقارب حضورها ذلك العدد، 

أيقلل ذلك الوحشة؟

ربما يزيدها،

تسعة كادرات، لكن الأشياء بداخلها تقف وحيدة،

الفنار، الرجل، الجندي، الغرفة، النار،

كل الأصوات متداخلة،

كلها تزيد خلوة المكان،

 

تبدأ رحلة رجل يعرف نقطة وصوله،

فتصبح الحركة ملحوظة في كل كادر على الرغم من وجودها من البداية،

ينتقل من مكان إلى مكان، من صورة لأخرى، 

متتبعًا مصدر الضوء،

كأنما يتم سحب مركبه لهذا المكان،

يبدو كل شيء مألوفًا له هناك،

التربة، الجندي والجثة،

الجندي، أهو صديق؟ أم عنصر آخر يرشده؟

“لا تدع ذلك يحدث لك”.

في كل بقعة يزورها الرجل،

للتربة رائحة في مكان حراسته،

للتربة رائحة في قبر الجندي،

للتربة رائحة،

رائحة الموت؟

رائحة يألفها الجندي، 

رائحة لا تتغير،

أليست الوحشة صاحبة للموت؟

فلماذا إذن يبدو الرجلان بهذا التشابه؟

كأنه شخص منقسم إلى وجهين،

كل شيء يبدو منقسمًا،

يرتب الرجل قبره،

يحفر الجندي سريره،

وينطفئ نورهما معًا،

مريم سليمان

مريم سليمان صانعة أفلام وممثلة ومؤدية صوتية، تدرس في المعهد العالي للسينما، تعمل منذ 2016 في مجال التمثيل وصناعة الأفلام القصيرة.


طُوِّر هذا النص من خلال فراشات لا تجري نحو الضوء، وهي ورشة عمل حول نقد الأفلام الإبداعية التي عقدت في يوليو 2019 كجزء من مهرجان القاهرة التاسع للفيديو. المزيد من المعلومات حول الورشة هنا.