الفاترينة

فى قلب ليل القاهرة ينتصب هذا الصرح المبهر. أربعة طوابق تتحول بأكملها إلى فاترينة ،يتقافز تحتها البشر كأشباح أو ظلال تضيع فى ظلمة مكتملة. من فوقهم يمد المبنى خيوط الضوء إلى الخارج ليوسع  من حضوره المهيب، إنه إحتفال الكهرباء بوليد جديد يضاف إلى إمبراطورية التجزئة المهلكة.  

فى قلعة التوحيد والنور، تسطع هالات الضوء بكرم بالغ، ولكنها لا تسمح للعين بالتعرف على طبيعة ما نراه، إنه نمط خاص لمخاطبة البصر. التكدس هو سر المكان. والكثرة لا تتيح الفرصة لرؤية قطعة بمفردها.لا مكان هنا للمفاجأة أو التأمل. ولا فرصة للإختيار. كل شىء مكشوف بكامله. الأسعار الرحيمة هى المفتاح السحرى للشعبية الواسعة. هكذا يرص الصينيون أيضاً بضاعتهم فى دكاكينهم المتشابهة بغض النظر عن موقعها فى العالم، إنها عروض لكل ما يمكن بيعه. بضاعة التوحيد والنور متروكة لذاتها، وغير مسموح لأى قطعة أن تلعب دور البطولة، الرواد متشابهون والبضاعة أيضا.

فاترينة كريستيان لوبوتان

على الضفة المقابلة فى واجهات محال الماركات العالمية:أرمانى ،برادا، ديزل.. الخ  نلمح عناية مبالغ فيها بالقطعة المفردة، تنتصب المعروضات أمام العين وكأنها أعمال فنية نادرة.الزبون المحتمل هنا هو بلا جدال شخص استثنائي ومقتدر. مسرح الفراعنة خلفية تؤكد قدسية المعروض وتفرده . تحف خرجت من الخبيئة تواً، وعلى الصياد المتمرس أن يسرع بالاقتناص. وكأنك عندما ترتدى هذا الحذاء  سوف ترتدي التاريخ والقيمة والسلطة أيضا.

لوبوتان لا يكتفى بوضع تصميماته على قواعد التاريخ، وكأنها عروض للصوت والضوء،  وإنما يترك توقيعه على الصورة أيضا كما يوقع الفنان لوحته.

 التوحيد والنور بصخبه البصرى، وتجهزيات لوبوتان  المفرطة فى اناقتها نقيضان: إحتشاد كمي هنا وعزلة نوعية هناك. ولكنهما فى نهاية الأمر شريكان فى مهمة واحدة. مصيدتان منصوبتان للعين، تبثان معاً رسائل بصرية مستبطنة لتفريغ الرؤية وإستبعاد أى سؤال حول القيمة.

لمح البصر

يكتب عادل السيوي عن لمحاته لخفايا الصور عبر كتابة منمنمات لمح البصر. في هذه السلسلة الجديدة يتأمّل النظرات وملامح التغيّر في العيون، وما يلمحه البصر من أثر للزمن. ينقب السيوي عن حكايات الصور، ونظرات خَلَدَتَها الفوتوغرافيا.