لبنان حسان دياب

وماذا يفعل “الأندومي” في دولة ميتة؟

وائل عبد الفتاح

من سيلتهم الدولة الميتة؟ هذا موت لا تقدر عليه أسماك صغيرة لعوب. هذا موت لا يقدر عليه سوى الموتى أنفسهم. السؤال أقدم من تكليف البروفسير حسان ثابت بتشكيل الحكومة. وبعيدًا عن تمام التكليف أو عدمه. فإن الاختيار نفسه استعراض لقوة السلاح المهيمن؛ إذ لم يعد حزب الله يستعمله إلا في إعادة تنصيب المنهار من دائرة مركزها إيران.

فقد سلاح حزب الله مجاله العاطفي؛ مع خفوت معارك المقاومة مقارنة بمعاركتثبيتالأركان المنهارة في إمبراطوريةالولي الفقيه”. وهذا الفقدان جوهري، ليس عابرًا، فهو تماسك بنية ظلت تنمو تدريجيًّا لتصارع على الهوية من داخل الحرب مع العدو، التي تبدو مركز الاصطفاف هويات باحثة عن سلطة.

وبعد القومية في الزمن الناصري، وبالتوازي مع الإسلامية في زمن انتصار حماس، حفر حزبا لله وجوده بهوية ابتلعت كل الحطام ببراعة السلطوي الناشئ.

الناشئ اليوم عجوز مترهل يدافع عن حصاد السنين. والاستثمار في حطام كل الاتفاقات من سايكس بيكو وحتى الطائف.وإستهلاك منظم للمظلومية الشيعية المعاصرة. وبين النشوء والتطور في بلادنا فجوة يظل فيها التنين مختفياً عن الأنظار رغم تضخم حجمه حتى يصل إلي ما وصل إليه كل سلطوي من كل إتجاه: إما أن تكونأناالحزب/النظام/الحاكم هي نهاية العالمآخر المنتظرينخلاص البشرية أو أن هذا عالم خائن يستحق تدميره.وهنا يبرر التحالف مع الخصوم و الملعونين ليمهد خروج التنين من مكمنه.

العالم بالنسبة لنا: خلاصاً أو مؤامرة. يحدث هذا مند سايكس بيكو. وسقوط الخلافة. وانتقالنا من استعمار خشن ينتمي للإقطاع إلئ ناعم ينتمي للدولة القوميةمع كل مرحلة يظهر رعاة يعتنون بوكلاء محليين. يعتبرون أنفسهمنحنويتخذون في حياتهم شكلالوطنعندما يكونون في مزاج الحنانويضيفون بعض القسوة ويصبحونالدولة“… وهم ليسوا إلا أبناء بيوت السلطة؛ حيث يتحالف المصرفي والسلاحجي والروحاني، بنسب مختلفة؛ حسب طبيعة كل بلد وظروفها واحتياجات جمهورها.

بيوت السلطة لم تتغير تقريبًا فكرة أنها ليست دولة ولكنهاوضع يدلبيت من بيوت السلطة.

وهذا هو المأزق بالضبطبيوت السلطة في شيخوختها لم تعد قادرة على شيء. تريد الاستمرار وتسمه الاستقرارولا شيء فعلاً سوى فتات من الإحسانهكذا يريد البروفسير حسان تغيير العالم ليبقى على حاله. هو أعجوبة بيوت السلطة في استعراض قدرتها.

نسيت أن أقول إن بيت السلطة في بيروت الآن هوالحزب؛ هكذا تقال بالألف واللامهو الحاكم الذي سئم من إخفاء لحيته وسلاح قاسم سليماني عباءة خامنئيولهذا اختارت أن تدمر صيغة دولة الطوائف باختيار رئيس حكومة سني بدون كتلته السنيةيحرسه فرسان الطوائف الأخرىويشبه رجال الحكم الموضة هذه الأيام أولئك الذين يقولون كلامًا يشبه الحكمةويلوكون شعارات شبه الشعاراتوهم نتاج طبيعي لرواج فكرة مستعارة من عالم الاستهلاكحيث مرقة ماجي تقدم على أنها حساءوالتانج يعيش في دور العصير،  والنيدو في دور الحليب، أما الإندومي فيعيش في سمت الأكل.

كتبت هذا على الفيسبوك في مناسبة بعيدة عن ظهور البروفسير حسان من عمق الأزمةبالضبط عندما صرح سيناريست معتق بأن الثورة مثل الماء الذي يغليوبعد فترة يبرد  تداول الناس التصريح وكأنه حكمةفاستدعت صور الإندومي وكأنه أكلتكرر الأمر مع التكليف في بيروتويتكرر كلما تأكد موت الماضي ورفضه للرحيلوليس أمامنا الآن إلا مطالبة بيوت السلطة أن تلتهم الميت الذي أماتته.

المقال ينشر متزامنا مع موقع ميجافون.