إيليا كامنسكي: كيف تتغير اللغة في الحرب؟

أسماء يس ترجمة

  • في هذا المقال يطرح الشاعر الأمريكي المولود في أوديسا بأوكرانيا؛ إيليا كامنسكي (18 أبريل 1977-)، أسئلة فرضها واقع الحرب الروسية الأخيرة على أوكرانيا.. وكلها أسئلة تتعلق باللغة وبالحرب التي اختبرها مبكرًا؛ حين كان لا يزال يعيش في أوكرانيا، قبل أن تهاجر أسرته إلى الولايات المتحدة في التسعينيات، وهو بعد في الخامسة عشرة من عمره.
    إيليا وأنا من جيل واحد، ولد قبلي بنحو عامين، وهو شاعر معروف ترجم شعره لأكثر من لغة- توجد ترجمات لبعض قصائده إلى العربية؛ على الروابط التالية:

    دعاء المؤلف: إيليا كامنسكي. ترجمة يوسف رخا

    عشنا سعداء خلال الحرب: إيليا كامنسكي. ترجمة أسماء يس

لذلك كان يهمني معرفة كيف يفكر الشاعر من نفس الجيل في قضايا مهمة ومصيرية كهذه.. هو مثلاً يرى أن لغة الشعر قد تغيرنا وقد لا تغيرنا، لكنها بلا شك تظهر التغيرات التي تحدث في داخلنا. لكن هل يمكننا حصر حجم هذه التغيرات، التي هي كثيرة للغاية في ظل هذا الظرف الضاغط المستمر كأنه بلا نهاية، المكرس لسنوات الآن بعد انفجار الدهشة، ورتابة التوترات، وانهيار الأحلام الكبرى، ورقود الهزيمة في هدوء ككلب أمام البيت. وهل اللغة من القوة بحيث تستطيع مواجهة الأحداث الكبرى؟
في المقال يذكر إيليا قول جون برجر “يمكن للمرء أن يقول عن اللغة إنها ربما تكون الموطن الوحيد للإنسان.. الموطن الوحيد الذي لا يمكن أن يكون معاديًا للإنسان… يستطيع المرء أن يقول أي شيء للغة… لهذا فهي المستمعة الأقرب إليه من أي صمت، ومن أي إله”..
قد نظن، نحن الشعراء، بسذاجة مفرطة، أن السياسيين لا يعرفون ولا يفهمون في مثل هذه الأمور، التي تتعلق ببواطن النفس، لكننا على الأقل نعرف أنهم بلا شك براجماتيون بما يكفي لاستغلال  كل شيء، وهم هنا يستغلون اللغة كمسمار جحا؛ ويقفزون بموجبه كل حين دفاعًا عن اللغة. وهو ما فعلته روسيا مرارًا كلما كانت تريد التدخل في أوكرانيا؛ صحيح أنها حجة قديمة، لكنها مثل الأحداث التي هُرست في مئات الأفلام من قبل، لم تفقد فاعليتها!

كييف

 

عن الحرب واللغة

 

1

في الرابعة صباحًا هُرع جميع أفراد عائلتي نحو باب الشقة، يتناقشون فيما إذا كان عليهم فتح الباب للغريب الذي يرتدي بنطلون البيجامة فقط، أم لا، كان يطرق الباب منذ خمس دقائق على الأقل، ويوقظ المجمع السكني بأكمله. وعندما رأى النور يضيء، بدأ بالصراخ عبر الباب “هل تذكرني؟ لقد ساعدتك في سحب ثلاجتك من بريدنيستروفي.. أتذكرني؟ تحدثنا عن باسترناك في أثناء المشوار.. لقد قصفوا المستشفى الليلة على مدى ساعتين، أختي ممرضة هناك… سرقتُ شاحنة شخص ما وسافرت عبر الحدود… لا أعرف أحدًا آخر… هل يمكنني إجراء مكالمة هاتفية؟”.

هكذا إذن اقتحمت الحرب طفولتي بقدمين عاريتين قبل عقدين من الزمن، على هيئة رجل نصف عارٍ من أوائل ضحايا حملة “مساعدات إنسانية” فيما بعد الاتحاد السوفيتي، يهجم على الهاتف.

2

في زيارتي الأخيرة لأوكرانيا، اتفقت مع صديقي الشاعر بوريس خيرسونسكي على اللقاء في أحد مقاهي الحي صباحًا، للحديث عن باسترناك (كما لو أنه لا يوجد ما يمكن التحدث عنه غيره في هذه المنطقة من العالم). لكن عندما صعدت إلى الرصيف في التاسعة صباحًا، انقلبت الطاولات التي كانت على الرصيف، وتناثر الركام في الشارع بعد أن قُصف المبنى.
أعيش على بعد مئات الأميال من أوكرانيا، بعيدًا عن هذه الحرب، في باحتي الأمريكية المريحة، بأي حق أكتب عن هذه الحرب؟ لكن مع ذلك لا يمكنني التوقف عن الكتابة عنها. تجمع حشد من وسائل الإعلام المحلية، حول بوريس وهو يتكلم مهاجمًا التفجيرات، وحملة المساعدات الإنسانية الوهمية الأخرى التي أعلن عنها بوتين. صفق البعض، وهز آخرون رؤوسهم رافضين. وبعد بضعة أشهر، تم تفجير أبواب وأرضيات ونوافذ شقة بوريس. يوجد الكثير من هذه القصص، التي غالبًا ما تنشر في جمل قصيرة مقتضبة، ثم يتم تغيير الموضوع فجأة. كتب أورويل “لن تكون كتب الحرب الصادقة مقبولة أبدًا عند من لا يحاربون”! وعندما يسألني الأمريكيون عن الأحداث الأخيرة في أوكرانيا، أفكر في هذه السطور من قصيدة بوريس:

في جميع أنحاء المدينة الناس يحملون متفجرات

في الأكياس البلاستيكية وحقائب السفر الصغيرة

3

على مدى السنوات العشرين الماضية، حُكمت أوكرانيا من الشرق الناطق بالروسية والغرب الناطق بالأوكرانية. وتستخدم الحكومة بشكل دوري “قضية اللغة” للتحريض على الصراع وإثارة العنف، وهي ممارسة فعالة تنجح في صرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية المطروحة. وقد نشأ الصراع الأخير ردًا على السياسات غير الملائمة للرئيس يانوكوفيتش، الذي فر منذ ذلك الحين إلى روسيا. ويُعرف يانوكوفيتش عالميًا بأنه أكثر الرؤساء فسادًا في البلاد على الإطلاق (اتهم بالاغتصاب والاعتداء، من بين أمور أخرى). ومع ذلك، لا تزال الحكومة الأوكرانية الجديدة حتى في هذه الأيام، تضم أعضاء من الأوليجاركية والسياسيين المحترفين ذوي الأصول المريبة والدوافع المشكوك فيها.

بدأت المواجهة بين حكومة يانوكوفيتش وجماهير المحتجين للمرة الأولى في عام 2013، بعدها بوقت قصير غادر الرئيس المحاصر البلاد، وأرسل بوتين قواته إلى شبه جزيرة القرم، وهي منطقة أوكرانية، بحجة حماية السكان الناطقين بالروسية. وفي غضون بضعة أشهر كان قد ضم المنطقة بحجة المساعدات الإنسانية. وأرسل المزيد من القوات العسكرية الروسية إلى إقليم أوكراني آخر، وهو دونباس، حيث بدأت حرب بالوكالة طوال الوقت، كانت حماية اللغة الروسية هي السبب الوحيد للضم والأعمال العدائية… هل اللغة الروسية في أوكرانيا بحاجة إلى هذه الحماية؟
ردًا على احتلال بوتين، اختار الكثير من الأوكرانيين الناطقين بالروسية الوقوف إلى جانب جيرانهم الناطقين بالأوكرانية، بدلاً من الوقوف ضدهم..
وعندما بدأ الصراع في التصاعد، تلقيت هذا البريد الإلكتروني:

أنا، بوريس خيرسونسكي، أعمل في جامعة أوديسا الوطنية، مشرفًا على قسم علم النفس الإكلينيكي منذ عام 1996. طوال كل ذلك الوقت كنت أدرس باللغة الروسية، ولم يوبخني أحد على الإطلاق “لتجاهل” اللغة الأوكرانية الرسمية للدولة. أتقن اللغة الأوكرانية بشكل أو بآخر، لكن معظم طلابي يفضلون المحاضرات باللغة الروسية، ولذا أحاضر بها… أنا شاعر أكتب بالروسية. ونشرت كتبي في الغالب في موسكو وسانت بطرسبرج. كما نُشرت أعمالي العلمية هناك أيضًا. لم يطاردني أحد قط (هل تسمعني؛ قط!) لكوني شاعرًا روسيًا أدرِّس باللغة الروسية في أوكرانيا. أقرأ قصائدي باللغة الروسية في كل مكان، ولم أصادف أي تعقيدات على الإطلاق. ومع ذلك، سأقرأ غدًا محاضراتي بلغة الدولة الأوكرانية. لكنها لن تكون مجرد محاضرة، بل عملاً احتجاجيًّا تضامنا مع الدولة الأوكرانية. وأدعو زملائي للانضمام إليَّ: شاعر روسي يرفض إلقاء محاضرة باللغة الروسية كممارسة تضامنية مع أوكرانيا المحتلة. ومع مرور الوقت، بدأت رسائل البريد الإلكتروني الأخرى تصل تباعًا من الشعراء والأصدقاء. كتب إليَّ ابن عمي بيتر من أوديسا:

أرواحنا قلقة ونحن خائفون، ولكن المدينة آمنة. من حين لآخر ينتفض بعض الحمقى ويعلنون أنهم مع روسيا. لكننا في أوديسا لم نخبر أحداً أننا ضد روسيا. دع الروس يفعلون ما يريدون في موسكو، ودعهم يحبون أوديسا بقدر ما يريدون؛ لكن ليس مع سيرك الجنود والدبابات هذا!
كما كتبت إليَّ صديقة أخرى، وهي الشاعرة الناطقة بالروسية أناستازيا أفاناسييفا، من مدينة خاركيف الأوكرانية عن حملة “المساعدة الإنسانية” لبوتين لحماية لغتها: في السنوات الخمس الماضية، زرت غرب أوكرانيا الناطقة بالأوكرانية ست مرات، ولم أشعر قط بالتمييز لأنني أتحدث الروسية. هذه أساطير؛ ففي جميع مدن غرب أوكرانيا التي زرتها تحدثت مع الجميع بالروسية؛ في المتاجر والقطارات والمقاهي. وتعرفت إلى أصدقاء جدد. عاملني الجميع باحترام دون أدنى ذرة من العدائية. أتوسل إليكم، لا تستمعوا إلى الدعاية. إن غرضها هو الفصل بيننا، نحن بالفعل مختلفون تمامًا، لا تزيدوا الأمر سوءًا، دعونا لا نشن حربًا على المنطقة التي نعيش فيها جميعًا معًا. الغزو العسكري الذي يحدث الآن كارثة علينا جميعًا. لا تدعونا نفقد عقولنا، لا تدعونا نهبًا لتهديدات غير موجودة، في حين يوجد تهديد حقيقي: غزو الجيش الروسي.
بعد أن قرأت هذه الرسائل، الواحدة تلو الأخرى، لم أستطع التوقف عن التفكير في رفض بوريس التحدث بلغته كعمل احتجاجي على الغزو العسكري.. ماذا يعني أن يرفض الشاعر التحدث بلغته؟ هل اللغة مكان يمكنك مغادرته؟ هل اللغة جدار يمكنك عبوره؟ وماذا يوجد على الجانب الآخر من هذا الجدار؟

4

الشاعر، كل شاعر، يرفض سطوة اللغة؛ ويتجلى هذا الرفض في الصمت الذي تضيئه معاني معجمه الشعري، ليس ما تقوله هذه المعاني، بل ما تحجبه. كما كتب موريس بلانشو “أن تكتب يعني ألا تثق مطلقًا في الكتابة، بل أن تثق في نفسك تمامًا”. قد تغيرنا لغة الشعر وقد لا تغيرنا، لكنها بلا شك تظهر التغيرات التي تحدث في داخلنا. أوكرانيا اليوم مكان توضع فيه تصريحات كهذه على المحك. كاتب آخر، هو جون برجر، يقول هذا عن علاقة الشخص بلغته “يمكن للمرء أن يقول عن اللغة إنها ربما تكون الموطن الوحيد الإنسان.. الموطن الوحيد الذي لا يمكن أن يكون معاديًا للإنسان… يستطيع المرء أن يقول أي شيء للغة… لهذا فهي المستمعة الأقرب إليه من أي صمت، ومن أي إله”. لكن ماذا يحدث عندما يرفض الشاعر لغته كشكل من أشكال الاحتجاج؟ ولصياغة هذا السؤال بعبارات أخرى: ماذا يحدث للغة في زمن الحرب؟ بسرعة قصوى يتخذ التجريد سمات جسدية واضحة؛ هكذا ترى الشاعرة الأوكرانية لودميلا خيرسونسكا جسدها وهي تراقب الحرب من حولها:

الرصاصة مدفونة في رقبة بشرية

كأنها عين مخيطة فيها

أما الحرب عند الشاعرة كاترينا كاليتكو فهي جسد مادي أيضًا:

غالبًا ما تأتي الحرب

ترقد بينكما

كطفل يخشى أن يترك بمفرده

قد تغيرنا لغة الشعر أو لا تغيرنا، لكنها تظهر التغيرات التي تحدث في داخلنا: تكتب الشاعرة أناستازيا أفاناسييفا باستخدام صيغة الجمع، والتكلم بالضمير “نحن”، لتبين كيف يؤثر احتلال بلد ما على جميع مواطنيها، بغض النظر عن اللغة التي يتحدثونها:

عندما مر مدفع الهاون

ذو العجلات الأربع في الشارع

لم نسأل من أنت

في صف من أنت

انبطحنا واستلقينا على الأرض

في زيارة أخرى لأوكرانيا، رأيت جارًا سابقًا لي، وقد أصابته الحرب بالشلل، يتسول في الشارع. لم يكن يرتدي حذاءً. وحين مددت الخطى آملاً ألا يتعرف عليَّ، هالني منظر يده الممدودة الفارغة، كما لو كان يسلمني حربه. وعندما ابتعدت عنه، كان لدي شعور غريب بالتسليم! كم كان صوته يشبه أصوات الشعراء الأوكرانيين الذين تحدثت معهم، وأصوات الناس في أفغانستان والعراق، الذين دمرت أموال ضرائبي منازلهم.

5

في أواخر القرن العشرين، أصبح الشاعر اليهودي بول سيلان قديس الكتابة في خضم الأزمة؛ إذ كتب باللغة الألمانية، كا يعكس تجربة عالم جديد منسحق ومنتهك. وهذا التأثير يحدث مرة أخرى – هذه المرة في أوكرانيا – أمام أعيننا.
وإليكم حالة الشاعر ليوبا ياكيمتشوك، التي لجأت عائلتها من بيرفومايسك، المدينة التي تعتبر أحد الأهداف الرئيسية لجهود حملة “المساعدة الإنسانية” الأخيرة لبوتين. وكانت هذه ردودها على أسئلتي حول خلفيتها:
ولدت وكبرت في منطقة لوهانسك التي مزقتها الحرب، ومسقط رأسي مدينة بيرفومايسك محتلة الآن. في مايو 2014 شاهدت بداية الحرب. . . وفي فبراير 2015، شرع والداي وجدتي، بعد أن نجوا من الحرب المروعة، في مغادرة الأراضي المحتلة. غادروا تحت نيران القصف ومعهم بضع حقائب من الملابس… وكاد أحد أصدقائي، وهو جندي [أوكراني]، أن يطلق النار على جدتي في أثناء فرارها!
كتبت ياكيمتشوك تناقش الأدب في زمن الحرب “الأدب ينافس الحرب، ربما تخسر الحرب في الإبداع، ومن ثَم يتغيَّر الأدب بالحرب”. وفي قصائدها، يرى المرء كيف تشق الحرب كلماتها:

لا تتحدث معي عن لوهانسك

لقد تحولت منذ زمن إلى هانسك

سويت بالأرض

بالرصيف القرمزي

انقسمت مدينة بيرفومايسك التي تعرضت للقصف إلى برفو ومايسك، وقصفت ديبالتسيفو وهي الآن “ديب، وألتس، وإيفو”؛ ومن منظور هذه اللغة المجزأة ترى الشاعرة نفسها:

أنا أحدق في الأفق

لقد هرِمت جدًا

لم يعد ليوبا

بل مجرد با.

ومثلما يرفض الشاعر الناطق باللغة الروسية خيرسونكي التحدث بلغته عندما احتلت روسيا أوكرانيا، ترفض ياكيمتشوك، الشاعرة الناطقة باللغة الأوكرانية، التحدث بلغة غير مجزأة لأن البلاد مجزأة أمام عينيها. عندما تغير الكلمات، وتقسمها وتوجِّه الأصوات من داخل الكلمات، تشهد الأصوات على معرفة لا يمتلكونها. لم تعد الكلمة المعجمية بعد الآن قابلة للقراءة بالنسبة لنا، فالكلمة المحطمة تواجه القارئ بشكل متبادل، سواء داخل اللغة أو خارجها. عندما نقرأ قصيدة الشهادة هذه، نتذكر أن الشعر ليس مجرد وصف لحدث؛ إنها الحدث.

6

ما الذي يشهده الشعر تحديدًا؟

قد تغيرنا لغة الشعر وقد لا تغيرنا، لكنها تظهر التغيرات التي تحدث في داخلنا. مثل جهاز قياس الزلازل الذي يسجل الأحداث العنيفة. عنوَن تشيسلاف ميلوش [الشاعر البولندي (1911-2002)] نصه الأساسي هكذا؛ “شاهد الشعر” ليس لأننا نشهده، بل لأنه يشهدنا. وأخبرنا زبيجنيو هربرت، الذي يعيش على الجانب الآخر من الستار الحديدي، شيئًا مشابهًا: الشاعر مقياس لنفسية الأمة. لا يمكن أن يغير الطقس. بل يوضح لنا كيف هو الطقس.

7

هل يمكن لدراسة حال الشعر الغنائي أن تُظهر لنا حقًا شيئًا يتشاركه الكثيرون؛ وهو نفسية الأمة؟ موسيقى عصر ما؟ كيف يمكن أن يرتجف العمود الفقري لشاعر غنائي مثل إبرة الباروميتر؟ ربما لأن الشاعر الغنائي شخص خاص للغاية: في خصوصيته أو فردانيته، يخلق هذا الفرد لغة مثيرة بما فيه الكفاية، وغريبة بما فيه الكفاية، تمكنه/ أو تمكنها من التحدث، على انفراد، إلى العديد من الناس في نفس الوقت.

8

أعيش على بعد مئات الأميال من أوكرانيا، بعيدًا عن   هذه الحرب، في باحتي الأمريكية المريحة، بأي حق أكتب عن هذه الحرب؟ ومع ذلك لا يمكنني التوقف عن الكتابة عنها: لا أستطيع التوقف عن تأمل كلمات شعراء بلدي بالإنجليزية، هذه اللغة التي لا يتحدثونها.. لماذا هذا الهوس؟ لا أستطيع التحكم في الصمت بين الجمل. ومع أنها لغة مختلفة، فإلا الصمت بين الجمل لا يزال كما هو: إنه المكان الذي أرى فيه عائلة لا تزال محتشدة بجوار الباب في الرابعة صباحًا، يتناقشون فيما إذا كان عليهم فتح الباب للغريب الذي يرتدي بنطلون البيجامة فقط، ويصرخ من خلف الباب أم لا.

https://lithub.com/ilya-kaminsky-on-ukrainian-russian-and-the-language-of-war/