كيف يتحرك الجسد في القاهرة؟

تأملات وتجربة في عابدين

هدى عمران
اللوحات للفنان حامد ندا

لن تسمع أغنية “دساية” من مغنيين الراب الصاعدين إلا وحملت في كلماتها التباهي بحمل أكبر وزن من الأثقال، يتوازى هذا مع الصور والفيديوهات القصيرة للمشاهير داخل الجيم وهم يتدربون ثم ينشرونها عبر الإنترنت.
لماذا أصبح التباهي بشكل الجسد بهذه الأهمية، ولماذا أصبح الجيم دلالة على التميز والرقي، ولماذا تحول من مكان نخبوي محدد لفئة معينة تهتم به إلى مكان يسعى إليه الجميع؟ قد تبدو الإجابة سهلة ومنطقية وهي “للحفاظ على اللياقة البدنية”، إذ ربط بعض الفلاسفة بين النشاط البدني وبين تكوين المواطن الصالح اللائق بدنيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا، وقد تكون الإجابة بشكل أبسط؛ أن الناس يذهبون للجيم لنحت القوام وجعله جميلاً، وهذه الجملة الأخيرة جديرة بالوقوف عندها، لأنها تشمل شقين فلسفيين، الأول فكرة إعادة تشكيل الجسد، والثاني حول فكرة الجمال نفسها.
لكن لماذا لا يمارس الناس الرياضة في هدوء وصمت؟!
بدأ الجيم بهدفه الحالي وهو تشكيل أجساد قوية ورياضية مع الحضارة الإغريقية، في إطار المواطنة، لأنها جعلت جمال الجسد شرطًا للمواطنة، وكان المجرمون الذين يستطيعون بناء جسدهم ونحته يتم العفو عنهم وإدماجهم كمواطنين، لأن المواطن الإغريقي تعبير ورمز عن شكل الدولة السليم المعافى والقوي.
لقد آمنت الحضارة الإغريقية بالإنسان وقدسته، واعتبرت الجسد مرادفًا ليس للجمال فقط، بل للكرامة والشرف والقدرة على الخلق والتطور، على عكس حضارات أخرى لم تولِ أهمية كبيرة للجسد، بل وهمشته فأدى هذا التهميش مع الوقت لفصل حاد بين فكرة الجسد والروح أو الجسد والعقل. ومع إسباغ الفكرة الدينية على الجسد مع انتشار الديانة المسيحية بدأ ينظر للجسد على أنه شيء مدنس وحقير. وقد تتلاقى أفكار تهميش الجسد وإضعافه مع فكرة سياسية بالأساس وهي خلق كائنات ضعيفة فيزيقيًّا لسهولة إخضاعهم والسيطرة عليهم. لأن تهميش الإنسان لجسده وعدم وعيه به قد يعني عدم تجربة الحياة وعدم التأمل فيها وعدم إدراك المعرفة سوى المعرفة المستوردة من الآخر أو الملقنة أو المسيسة.
وقد التقط نيتشة فكرة الحضارة الإغريقية عن الجسد وأيدها، فرأى أن أي معرفة إنما تصدر من الإحساس وتقوم عليه، وإن أي فهم للحياة مصدره مادي أساسًا، نابع من الوظائف الفسيولوجية التي يقوم بها الإنسان كالأكل والتناسل. وكان يرى أن احتقار المسيحية للجسد نكبة كبرى حلت بتاريخ الإنسانية. 

 

 

الصورة المقبولة للجسد في القاهرة

لكن القاهرة مدينة مختلفة، إنها مدينة بيروقراطية في العمق، تؤمن بالهيراريكية كقانون مستقر، إن الكيانات التنظيمية أو الهيراركية لا تهتم بشكل الجسد، لا توليه أهمية الكبرى، إنها تحيده ولا تطلب منه أكثر من قدرته على العمل وفاعليته الاجتماعية. إن الجسد قد يكون شيئًا هامشيًّا أو بل قد يتم تهميشه قصدًا، كنوع من سهولة سيطرة الجماعة على الفرد. وسيطرة الكيان الهيراركي على مكوناته. لكن على الإنترنت الموضوع مختلف قليلاً حاليًا، ونحن نقترب من موضوع تشكيل الجسد في القاهرة، قد لا يمكننا تجاهل التطور الهائل في وسائل الميديا والاتصال الاجتماعي ونحن نتكلم عن أي ظاهرة الآن، فتأثيرها شمل كل شيء تقريبًا، والتي جعلت التركيز على الصورة والشكل أكبر كثيرًا مما كان عليه سابقًا، فالفرد لم يعد يخص نفسه وعائلته وجماعته الصغيرة فقط، بل أصبح فردًا عامًا، بمعنى أن شكله وصورته أصبحا موضوعًا خاضعًا لمناقشة وإبداء الرأي من دائرة أكبر تتشابك مع دوائر أخرى من خلال الإنترنت.
سابقًا كانت هناك الجماعات المؤطرة والخارجين على الجماعات، العائلات والمتمردين على العائلة، الأحزاب السياسية والمواطنين العاديين والخونة، الشلل الثقافية والمنبوذين، كانت الجماعة مقابل اللامنتميين والغرباء، الآن تتحول الصورة عكسيًّا بفعل الإنترنت، وتصبح الفردية طموحا، يسعى الجميع لإبراز فرديته، أصبح تفكيك الجماعات والثوابت فعلاً ثوريًّا يدل على التثقف والتميز أحيانًا.
ويلعب الجسد ومحاولة تقربه للمعايير الجمالية المثالية، ومحاولة تحويله لتحفة فنية في حد ذاته، دورًا وظيفيًّا في تسويق الفرد لنفسه ولفرديته حاليًا على الإنترنت، لكن سابقا لم يكن يحتل الجسد مكانة وظيفية داخل الجماعة أو الحزب أو الشلة إلا فيما يخص الجسد الأنثوي في بعض الأحيان لغرض الاستخدام. لكن على العكس في بعض الحالات فقد تكونت صورة ضد فكرة الجسد المثالي، أو الأجساد الرياضية على النموذج الإغريقي، على سبيل المثال في وقت ما تم تكريس صورة للمثقف أو الفنان بأنه هزيل البنية مشعث الشعر ويدخن بشراهة. لم تكن الأولوية لأجساد مثالية بقدر أجساد متحركة، كان الجسد فردانيًّا بشكل أكبر منه الآن، بمعنى أن الأفراد كانوا يمتلكون حرية تشكيل وبناء أجسادهم على هواهم رغم اندماجهم في كيانات. 

سابقا كان الفرد محكومًا اجتماعيًّا وقيميًّا وفكريًّا بحدود جماعته وخاضعًا لها، الآن حين يحاول الفرد في القاهرة التخلص من فكرة الخضوع لأفكار الجماعة لنحت فرديته بشكل ما، فإن فكرة الشكل والأداء/ الصورة بشكل عام تحل بهدوء مكان الأفكار للحصول على القبول والإعجاب، فهناك شكل جسد منتظر ومقبول ليصبح موضوعا للحب أو الرغبة أو حتى القبول الثقافي، نوع من التسليع والاخصاء أيضا لكلا الجسدين الذكوري والأنثوي للضغط عليهما باستمرار حتى يثبتا أنهما جديران ومستحقان في ظل تنافسية عالية وثابتة.

 

نرجسية الجسد في مواجهة نرجسية المدينة

قد يكون تطوير الأفراد آلية العرض والطلب والتباهي بجسد الفرد من خلال الإنترنت ردًا على هذه الهيراريكية الثقيلة، والتهميش الذي تفرضه القاهرة على الفرد. وقد يكون المفهوم الأبرز الذي يحكم حركة الجسد في القاهرة هو النرجسية، قد تبدو فردية الأشخاص على السوشال ميديا نوع من النرجسية لمواجهة مدينة هائلة وثقيلة مثل القاهرة، إن النرجسية في تعريفها المعجمي تعني الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وراحة الذات وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته. وقد تكون النرجسية حاليا بصفاتها ليست مجرد مرض لمواجهة فرد آخر أو سحقه، ولكن قد تكون استراتيجية من استراتيجيات البقاء والظهور داخل مدن لا تعطي مساحة في مَتنها للمختلف، لكنها تحتفي في هامشها بإبراز القوة والقدرة على الاستعراض وفرض الذات. 

وهذا يتلاقى مع آلية عمل السوشال ميديا التي كلما ظهرت فيها أكثر كلما فرضت نفسك واكتسبت القبول والشعبية، والسوشال ميديا في تكوينها تعتمد على الصورة وعلى الأداء، على الـ picture  وimage  التي ينجح فرد ما في رسمها في الفضاء. ومن هنا يلعب الاستعراض الجسدي دورًا مهمًا في الصورة، ومن ثم في القبول داخل هذا الهامش الافتراضي، خالقا أجسادا نرجسية، إنها نرجسية لأنها قد تسعى لاستعراض نفسها منحية المعنى أو حقيقة أو التجربة جانبًا. ونعود هنا لسؤالنا حول أهمية الجيم الذي قد يكون قد تحول من مكان لممارسة الرياضة إلى مكان مهم لصناعة هذه الأجساد النرجسية، أصبح مكانًا افتراضيا أكثر منه مكانا حقيقيا، هو ضروري لإعطاء الانطباع بالقدرة والقوة، متجاهلا فكرة “ممارسة الرياضة”، وجعلها وظيفة هامشية، ليصبح مكانًا ومساحة للتنافس والهيمنة والاستعراض الجسدي، لأخذ الصور ووضعها على السوشال ميديا. 

 

تجربتي في الانضمام لجيم في عابدين

فكرت في الانضمام إلى الجيم مدفوعة بالزخم الكبير لفكرته التي انتشرت على السوشال ميديا، مع أني كنت أمارس الرياضة بانتظام في البيت، ومواكبة على التحرك بدراجتي بشكل شبه يومي منذ انتشار وباء كورونا، فقد كانت فترة الحجر فترتي الذهبية في التجول في شوارع وسط البلد الخاوية على عروشها. لكني دخلت إلى التجربة متخيلة أنها ستعطيني معنى أكبر من الرياضة ذاتها!
انضممت للجيم بعد عودة الحياة بشكل شبه طبيعي بعد فترة وباء كورونا. كان الجيم الأقرب لنمط حياتي هو جيم شهير فتح فرعًا مؤخرًا في حي عابدين القريب من وسط البلد، ليس شعبيًّا ويحترم خصوصية امرأة تمارس الرياضة كما كنت أفكر. 

 كيف يبدو جيم مختلطًا في منطقة شعبية قديمة مثل عابدين، الجيم المعروف بفروعه في مناطقه الراقية يتخذ مكانا جديدًا بين حي عابدين وحي المنيرة، وكلاهما أحياء قديمة وشعبية إلى حد كبير، حتى إن التكاتك بدأت تغزوها بديلا عن التاكسي لتصبح وسيلة المواصلات الأفضل والأسرع بين الحيين. يعلق الجيم لافتات “invest in your body”، يَعِد مرتاديه بتغيير حياتهم بعد الانضمام، للحصول على القبول الاجتماعي. والجيم مؤسس على غرار الجيمات في الأماكن الراقية، حيث فكرة الاختلاط داخل صالات الألعاب شيء اعتيادي وفارض لنفسه، لكن في حي شعبي يعد تجربة محفوفة بالمخاطر خاصة مع فتاوى متصاعدة بحرمانية ذهاب النساء للجيم وغيرها، فالمناطق الشعبية هي مناطق تقليدية تؤمن بأدوار تقليدية للرجل والمرأة، وفكرة التحرر والحداثة والمساواة كلها أفكار ليست ذات ثقل في حي مثل عابدين. لكن الرهان على الطموح، فحي عابدين ووقوعه في منطقة وسطى بين وسط البلد وجاردن سيتي يتخذ لنفسه مكانًا ومكانة متميزان. حيث قربه من هذه الأحياء وتقديمه للخدمات التي يصعب توفرها في وسط البلد، مثل توافر المستوصفات الطبية أو الحضانات التعليمية ومحال الأكل والأسواق وغيرها. عابدين امتداد لوسط البلد جغرافيا، لكنه يحاول الحفاظ طول الوقت على خصوصيته من أي تشويه تفعله الحداثة القريبة، فوسط البلد أرض للغرباء الذين لا ينتمون إلى مكان واحد، هي أرض للتجمع، لكن عابدين وطن لأبنائه، مكان للانتماء. لكن يبدو أن الحي المغلق على ذاته يسمح من وقت لآخر ببوادر وإشارات لاستيراد أشياء من خارجه تدل على الحداثة، كوجود جيم على الطريقة الغربية مختلط وتصدح فيه الأغاني الأجنبية والراب طوال الوقت. فهو في النهاية يحاول إثبات عدم رجعيته أو تأخره عن العالم المحيط، يقف موقف الند لوسط البلد القريبة، ساعيا “كابن طبقة وسطى” للصعود في السلم الطبقي متطلعا لأن ينتمي للأثرياء.
تخيَّل معي أن هذا الجيم كائن دخيل على عابدين، لم يكن يسمح بوجوده مع ثورة سياسية أو غيرها، لكن يبدو كأنه أتى مع ثورة ثقافية تتفاقم سرعتها وتتمدد على وسائل التواصل الاجتماعي، فكأن هذا الجيم هو مرآة للإنترنت في عابدين، إنعكاسا لعالم مترامي في الفضاء الإلكتروني لكن على أرض الواقع، إنه مكان دخيل وعليه التعامل بحذر، حتى يتلقى القبول من المحيط. لذلك هو يستهدف زبائنه من بعض الأجانب، والشباب الجديد المتحرر الذي قام بالثورة، الشباب الذين يتحركون على درجاتهم وعلى الباتيناج في رحلاتهم الليلية لوسط البلد، يستهدف الشباب الطامح للانتماء لمكان غير عابدين، الحالم بالهجرة للأحياء الجديدة على أطراف القاهرة، يستهدف النساء والفتيات اللواتي يتخيلن تميزهن واختلافهن عن هذه البيئة.
هذا الجيم كأنه عالم افتراضي جديد، الكل يهدف فيه لخلق سردية مغايرة ومحاولة طرحها عن طريق حركته داخل صالة الألعاب، إنه مكان مغلق على من فيه، لا وجود فيه للتكاتف أو الأخوة أو التشابك أو الصراع والفهلوة، وهي مكونات العلاقات التي تحكم الحياة في شوارع عابدين، لكنه مكان أقرب للعرض، مشحون بتنافسية على الشكل، وكأنه مكان لتفريغ العنف والصراع والتشابك من معانيهم في مساحات وهمية.
في الجيم يتحرك الرجل صاحب الفورمة بسلطة من يمتلك الأرض، العارف بقواعد اللعبة، مختالاً بجسده أمام المبتدئين، وأمام النساء مضخما صورته في مرايا متعددة، عارفا أنه سيد هذا المكان لمدة ساعة أو ساعتين.
في الجيم يتحرك المبتديء بهشاشة الدخيل، معتبرًا أن جسده الحالي لا يخصه، إنه في المستقبل، رائيا نفسه في الأجساد المتحققة بالفعل، ممنيًّا نفسه بامتلاك مثل هذه القوة يوما ما، حتى يشعر بالاستحقاق، حتى يملك السلطة.  والجيم أصلا مكان ذكوري، وفي عابدين يصعب تفكيك الذكورية حتى مع هذه المحاولات التي تدعي الندية، لذلك تحرك النساء داخل الجيم محدود ومحكوم بعلاقات القوة والسلطة، تجد النساء تتحرك بخجل وانزواء أو باستعراض زائد لإثبات أنوثة قادرة على لفت الانتباه. 

جسد المدينة

ماذا لو تخيلنا جسدًا معبرًا عن شكل القاهرة، كيف سيبدو؟ هذه المدينة المترهلة المتكدسة المزدحمة بكل التناقضات، أظن أن جسدها سيكون غير مثالي بالمرة مغويًّا ومسيطرًا بقدر فوضويته وزوائده. بالنسبة لي القاهرة جميلة بهذه الطريقة، بلد الفوضى والسخونة والفجاجة، مدينة مترهلة وقادرة على دمج أي شيء ليصبح جزءًا لا يتجزأ منها، لذلك فهي قادرة على سحق أي فردية أو مثالية فيها ادعاء. ولا يهمها فرديتنا بشكل كبير كما نتخيل، هذه الفردية تصلح أكثر للعوالم الطائرة على السوشال ميديا، وهذه العوالم تحاول مجابهة المدينة بطريقة أو بأخرى.
شخصيًّا كانت لي تجربة دالة وصادمة لكل مفاهيمي عن الجسد والجمال القاهري، حين أخذتني صديقة في مغامرة داخل حواري بطن القاهرة، إلى حمام شعبي في منطقة الوكالة، في هذا الحمام الممتليء برائحة الخل والحناء لا مكان للخصوصية، تعرض الأجساد النسائية نفسها بكل فجاجة، وتباهي دون خجل من أي ترهل أو تشوه، كانت فكرتي عن الجسد الجميل قبل ذلك كلها مستقاة من الأفلام الأجنبية أو اللوحات العارية، فكرة العري ارتبطت عندي بالمثالية، لكن في هذا المكان، كان العري فوضويًّا وفجُا ومختالاُ بشيء أكبر من الجسد نفسه، بطاقة الحياة والرغبة في الاستمتاع، رؤية الجمال تخطت حدود الجسد، كانت النساء فجات في عريهن وفي استعراض هذا العري، كانت الفجاجة دليلاً على الاستمتاع بالنفس، على الشجاعة وعلى الجمال الذي يعني إدراك الذات لنفسها وقوتها ورغبتها وطاقتها الجنسية وقدرتها على الخلق والمتعة.
قد يبدو موقفًا عابرًا لكنه وضعني أمام أسئلتي حول فكرة الجمال التي استمرت معي حتى الآن، وأدعي أن هؤلاء النساء علمنني كيف أكون رؤية مغايرة أو خاصة بي عن الجميل، عن كيفية رؤية الجمال في النقص قبل الكمال.
يبدو لي هذا الحمام في ” الوكالة” الحي الشعبي أيضا القريب من وسط البلد، هو مقابل وضد للجيم المودرن في عابدين، فالأول لا يهتم بفكرة المثالية بل يزدريها، والثاني يحاول تشذيب الزوائد والسيطرة عليها، لكن كليهما تحكمه النرجسية في العلاقات وفرض الجسد، فأنت في الحمام إذا كنت تمتلك هذا الجسد صاحب المقاييس الأقرب للمثالية، إذا بادرت أي بادرة للخجل فأنت عرضة للتنمر والتفحص ونظرات الاستياء، فالأجساد المترامية هناك يعلوها فخر تضخم أعضائها التي تشي بفانتازيا إيروتيكية على غرار نموذج هياتم، بل وأجساد أكبر وأكبر، لذلك كونك حداثيًّا تحمل على ثاقلك خجل الجسد أو مثاليته فأنت منبوذ في هذا المكان. إن هذا الحمام كأنه شوارع القاهرة الحقيقية بكل ترابها وعرقها، بدمها ولحمها.
لكن نرجسية الجيم تنتمي لعالم الهامش، للسوشيال ميديا والمنتديات وجماعات الأقليات الذين يتخليون أنهم قادرون على مواجهة هذه المدينة، وفي طموح أكثر غرورًا متخيلين قدرتهم على تغيير الحمام البلدي إلى spa يحمل معه أفكارًا مثل خصوصية الجسد، ووضعه في إطارات منفصلة عن بعضها بعضًا.

بعض المراجع التي تناولت الجسد بأشكال أخرى يمكنك الاطلاع عليها:
كتاب أجساد ثقافية وإثنوغرافية، هيلين توماس وجميلة أحمد، ترجمة أسامة الغزولي- المركز القومي للترجمة

http://fakihiprof.blogspot.com/2013/02/blog-post_1879.html

https://www.jadaliyya.com/Details/36373