كيف نهرب إلى المريخ؟

القمر يومه يعادل 28 يومًا على الأرض وبه القليل من الموارد. ليس به غلاف جوي ليحمينا من الشمس أو ليدفئنا ليلًا. النهار و الليل هناك قاتلًين، فربما لن تكون مجدية خطة سيد مكاوي ونفس الأمر بالنسبة لعطارد.

محمد عبد الرؤوف

 تحت دعوى جعل فصيلتنا البشرية متعددة الكواكب، أعلن ايلون ماسك Elon Musk الملقب بالرجل الحديدي -في أوساط رواد الأعمال- مؤسس شركة الفضاء SpaceX أنه فى عام 2020 سيبدأ البشر رحلاتهم لاستيطان المريخ، فبعد أن استطاعت شركته تصنيع صاروخ يمكن استخدامه أكثر من مرة، يعتبر ايلون أن تلك هي الخطوة الفاصلة التي ستخفض تكلفة الرحلات الفضائية إلى سعر يناسب الجميع. تعمل شركته الآن على إنشاء صاروخ ضخم يحمل مركبة تتسع لمئة شخص يدفع كل منهم مئتين ألف دولارا مقابل الرحلة. سيحمل هذا الصاروخ المركبة إلى مدار حول الأرض، ويتركها هناك ويعود ليحمل مركبة أخرى تحمل الوقود للمركبة الأولى ويلتحما في المدار لتزود المركبة الثانية الأولى بالوقود حتى تبدأ رحلتها التي تستغرق ثمانين يومًا مُبحرة إلى المريخ، وسيكون على أول مئة بشري هناك أن ينشئوا مصنعًا لتصنيع غاز الميثان ليستخدموه كوقود فى رحلة العودة. فى طريقي للتعلم عن خطة الرجل الحديدي للذهاب للمريخ، تعرفت على مدونة WaitbutWhy لصاحبها تيم أوربان Tim Urban، وقد قام ايلون ماسك شخصيًا بمقابلته وطلب منه الكتابة عن SpaceX ومشاريعها المستقبلية ليستفيد من أسلوبه فى السرد والتحليل لشرح خطة SpaceX للمهتمين، وقد استخدمت الكثير من حكايات تيم أثناء كتابة هذا النص.

 

لماذا المريخ؟

 كوكب الزهرة ليس إلا صخرة مناخها سىء، سيسحقنا ضغط غلافها الجوي، وتقتلنا رياحها. القمر يومه يعادل 28 يومًا على الأرض وبه القليل من الموارد. ليس به غلاف جوي ليحمينا من الشمس أو ليدفئنا ليلًا. النهار و الليل هناك قاتلًين، فربما لن تكون مجدية خطة سيد مكاوي ونفس الأمر بالنسبة لعطارد. المشترى وزحل وأورانوس ونبتون ليسوا إلا كرات ضخمة من الغاز تتظاهر بكونها كواكب. بعض أقمار المشترى وزحل قد يمكن الحياة عليهم، لكنها أكثر برودة وظلمة من المريخ فلا معنى لذلك، بلوتو أكثر صخور المجموعة الشمسية برودة وظلمة، لابد أن ننسى أمر بلوتو. هذا لايترك لنا خيارًا إلا المريخ، اذا كان المريخ مكانًا على الأرض لما أراد أحد أن يذهب إلى هناك، لكن بالنسبة للخيارات الأخرى، فهو مكان رائع، فالمريخ بارد، لكن ليس قارس البرودة، مظلم، لكنه ليس أكثر إظلامًا من الأرض. قد يكون بعيدًا، لكن ليس لهذه الدرجة التى تمنعنا من أن نذهب إليه. يومه تقريبًا فى نفس طول اليوم على الأرض، وهذا شيء رائع و سيساعدنا على الزراعة الأولية هناك. الجاذبية على المريخ أيضًا ليست سيئة “تساوي ثلث جاذبية الأرض”. يوجد هناك الكثير من المياه المجمدة، وكمية معقولة من ثاني أكسيد الكربون الذي سيساعدنا كثيرًا للعيش هناك. فبشكل عام نحن محظوظين لوجود المريخ فى مجموعتنا الشمسية.

سكان المريخ الأوائل

 يعتقد ايلون أننا سنحتاج مليون شخصًا يسكن المريخ لكي يصبحوا قادرين على الحياة بشكل مستقل دون الاعتماد على الرحلات القادمة من الأرض. بينما نحن هنا مهددين بالفناء بسبب حرب عالمية ثالثة أو دونالد ترامب أو الاصطدام بحجر شارد فى الفضاء يجب على سكان المريخ أن يستطيعوا البقاء على قيد الحياة. يحافظون على الجنس البشري حتى فى حالة وفاة الأسلاف على الأرض أو توقفهم وعدم اهتمامهم بالسفر للمريخ فمثلما نسى المصريون صناعة الأهرامات فقد يتوقف البشر عن إرسال رحلات للمريخ. وهذا بالتالي يدفعنا للتساؤل عن كيف سنكون أول مستعمرة بشرية على المريخ؟ وكيف يمكن أن يصل عدد سكانها إلى مليون نسمة؟ الإجابة بسيطة، يرى فايلون أنه إذا استطاع مليون فردًا ممن يرغبون فى الذهاب إلى المريخ تحمل تكلفة الذهاب إلى هناك، سيصبح هناك مليون شخص على المريخ. نظريًا حتى الآن عدد الراغبين للذهاب إلى المريخ، الخالى من الحياة، قليل، وعدد القادرين على تحمل تكلفة ذلك معدوم.

 يعتقد ايلون أننا إذا استطعنا زيادة عدد القادرين على تحمل تكلفة الذهاب إلى المريخ فسيزيد هذا تدريجيًا عدد الراغبين فى الذهاب إلى هناك، لكن آخر مرة حاول الكونجرس أن يسأل ناسا عن تكلفة الذهاب للمريخ، كانت الإجابة أن رحلة لطاقم مكون من خمس أشخاص ستكلف 50 بليون دولارًا، بتكلفة 10 بليون دولارًا للفرد الواحد. يرى ايلون أنه لكي نجعل تكلفة الرحلة بشكل ما مقبولة فيجب ألا تزيد عن 500,000 دولارًا، وهذا يعني أن تصبح 1/20,000 من قيمتها الحالية، ومن الناحية العملية فهذا يعني أنه لو هناك سيارة ثمنها اليوم 20,000 دولارًا فعلينا أن نجعل ثمنها دولارًا واحدًا..لهذا ركزت SpaceX أعمالها على صنع صاروخ قابل للاستخدام أكثر من مرة، فتخيل لو أن صناعة الطيران تقوم على طائرات يتم تفجيرها بعد كل رحلة، ويتوجب علينا صناعة طائرة جديدة لكل رحلة فى أي اتجاه، كان هذا ليعني أن تكون تكلفة تذكرة الطائرة 1.5 مليون دولارًا. السفر فى الفضاء باهظ الثمن جدًا لأننا حتى الآن نستخدم صواريخ يتم تفجيرها فى المحيط بعد كل رحلة. فى نهاية عام 2015، استطاعت SpaceX لأول مرة استقبال صاروخها العائد من رحلة إلى السماء وكررت هذا الأمر بنجاح أكثر من مرة. بالتالي للسفر على صاروخ تم استخدامه من قبل عليك أن تدفع فقط قيمة الوقود وتكلفة الصيانة الدورية، وهذا وحده يخفض ثمن الرحلة ألف مرة، يزيد على ذلك صنع مركبة ضخمة تحمل مئة شخص بدلًا من خمسة كما خططت ناسا من قبل.

مقارنة برحلات البشر للقمر فالمريخ ليس قريبًا، فبينما القمر يبعد مسافة ثانية ضوئية واحدة فالمريخ يبعد عننا مسافة ثلاث دقائق ضوئية كاملة. يحب ايلون أن يقارن بين رحلات البشر بالمريخ برحلات البشر عبر المحيط الأطلنطي فى العصور الأولى. إذا كنا نبحر الآن للقمر باستخدام مركب صيد صغيرة فيجب علينا صنع سفينة عملاقة للإبحار للمريخ، لهذا تعمل SpaceX حاليًا على صنع أكبر صاروخ فى التاريخ، والذي لن يكون أكبر حجمًا فقط، لكن أكثر كفاءة من أي صاروخ تمّ صنعه حتى الآن. يقف ايلون ماسك أمام مريديه ليخبرهم بخطته الملحمية للذهاب للمريخ “إنها فكرة رائعة.. تملأ رأسي كل يوم”. تطلب منه إحدى المعجبات أن تصعد للمنصة لتعطيه “قبلة الحظ” ليبدأ بها رحلته للمريخ. يقف ايلون ليمثل طموح الإنسانية، أن تمدد حضارتها إلى آفاق جديدة فى كواكب أخرى، ينتظره لحظات من نشوة الانتصار أو فشل مجيد لن يقلل من قيمة ما أثاره فى نفوس الملايين المؤمنين، بأننا يمكن أن نعيش حياة أوسع مما تتيحه لنا حياتنا على الأرض.

إذًا، فالخطة ستسير كالآتي:

4- التوجه للمريخ: لمدة ثلاث شهور سيستمتع المسافرون بتجربة انعدام الجاذبية والملل المستمر من بعضهم البعض. ستبحر السفينة للمريخ مستخدمة دفعات من الغاز والطاقة الشمسية التي تزودها بها ألواح ضخمة مركبة على السفينة.

3- إعادة ملء خزان الوقود فى المدار: بعد عودة الصاروخ للأرض سيتم تركيب مركبة فضائية أخرى، مممتلئة بالوقود، يتكون الوقود من الأوكسجين السائل والميثان بدلًا من الكيروسين المستخدم حاليًا، هذا فى حد ذاته جزء من الابتكار. سينطلق الصاروخ مرة أخرى بالسفينة الفضائية الجديدة ليرسلها لتلتقى بالسفينة الأخت الأولى. ليست الأم لأنهما متساويتين فى الحجم، لتزويدها بالوقود فى المدار.

2- الإقلاع: سيخترق الصاروخ الغلاف الجوي للأرض، ستنفصل عنه المركبة الفضائية وتستقر فى مدار حول الأرض، ثم يعود الصاروخ للأرض مرة أخرى.

1- الصعود على متن الصاروخ الكبير: سيكون ذلك من خلال صعودك للدور الأخير فى عمارة ضخمة لتصل لرأس الصاروخ الذي سيكون فيه المركبة الفضائية الكبيرة “فشخ”.

8- صنع الوقود على المريخ: سيكون ذلك من أهم الصناعات التى يجب على السكان الأوائل للمريخ القيام بها، الوقود المكون من الأوكسجين والميثان سيكون من السهل صناعته من الثلج وثاني أكسيد الكربون المتوفرين على المريخ، سنحتاج هذا الوقود بالطبع للعودة مرة أخرى للأرض.

7- الحياة على المريخ: سيكون عليك أن تعمل أي شيء هناك. أن تفتح شركة مثلًا أو أن تذاكر شيئًا مفيدًا، ما يحلو لك حينها.

6- النزول على المريخ.

5- اختراق المجال الجوي للمريخ: سيقوم بهذه العملية الغطاء المضاد للحرارة الخاص بالسفينة.

11- لا تتوقف فى الحديث عن حكاياتك عن رحلتك للمريخ.

10- النزول على الأرض مرة أخرى.

9- إما البقاء هناك للأبد، أو العودة للأرض.