جثة مجنون الحكم

وائل عبد الفتاح

#هاشتاج

علي عبد الله صالح الأول في العالم. نقصد جثته. جماهير ملتاثة تزأر حولها بالنصر. والرأس المفتوح من الخلف بقذيفة من مدفع حديث، الهارب من الموت بسبع أرواح و أسقطته من سيارة الدفع الرباعي في صحراء الجحيم اليمني الذي كان أحد صناعه الكبار، فرقة الحوثيين أنزلته وأمرته بالتركيع ثم دمرت جمجمته، وكأنه ِِلم يكن رئيساً، ولا زعيماً، ولا قائداً ملهماً، بل رئيس عصابة منافسة في تجارات الممنوع.

#الروابط المشتعلة

.قال القاتل الحوثي:”الإمارات قادته إلى موته”. ومادخل الإمارات؟ تقول الروايات أن القوات الإماراتية تحكم الجنوب، وتدير على الأرض صراع السيطرة مع “الحوثيين “ الذين يمثلون بالنسبة لهم واجهة “النفوذ الإيراني”، والإمارت تتحفظ على إين علي عبد الله صالح الذي كان سفيرا لليمن لديها، وبعد مصرع الأب بدأ في وراثة مكانه، معلناً أنا “مجنونكم القادم“، سيرث الحزب (الواجهة الحديثة للعصابة القبلية)، فهل ورث القدرات المرعبة على التلون في الصحراء؟

#رابط بارد

أخبار جنازة علي عبد الله صالح، تأتي عبر تصريحات منسق أممي للمساعدات الإنسانية. الذي قال أن “صنعاء هادئة “ بعد ٢٥ غارة جوية من التحالف السعودي الإماراتي، و ٥ أيام من القتال بعد إنفصال علي عبد الله صالح عن الحوثيين. ماذا سيفعل ”أنصار الله “ بعد علي عبد الله صالح وولده لم يعد لها أنصار تقريباًً وكيف سيؤثر موت مجنون الحكم ببشاعة تليق بتاريخه…؟ وكيف ستقام جنازة في بلاد تحولت إلى أرض تجارب التوحش القادم؟

#مسودة بروفايل

لم يسأل أحد من المحتفلين بموته، ولا الراقصين على جثته. لماذا أسماه الخيال الصحفي “الراقص على رؤوس الثعابين” تلك التسمية الصحفية التي تحتفل بالتوحش، وتمنحه صبغة رومانتيكية و من عين ترى سكان هذه البقعة استوديوهات واقعية لأفلام الرعب و التوحش، يسكنها برابرة مساكين، والسياسة فيها لعبة دهاء محض، يتحول فيها الرئيس الجنرال إلى أمير دهاء في حرب أهلية، ومقاتل يحمل سلاحه و يحرك قبائله و رجاله، لا يجلس في القصر و الخيمة طلباً للحماسة و الحرس. وهذه واحدة من أعاجيب تاريخ العرب الحديث، حيث لا يتقدم الزمن، بل يدور في دوائر تستعاد فيها الأشكال القديمة كما لو كانت بكامل حيويتها، أما عناصر الحيوية الجديدة فتدفن في رمال تبتلع جثث مجانين الحكم، وضحاياهم معاً.

#ذاكرة

الإختفاء هو سر مجانين الحكم، منذ سبتمبر سنة ٩٨٥ حين ركب الحاكم بإمر الله الفاطمي حماره وطلب أن يذهب وحده إلى صحراء القرافة، في القاهرة، وإختفى من يومها بعد أن كانت مدة خلافته بالديار المصرية و الشامية، خمسه و عشرين سنه، فكانت على الناس أشد الايام، و قتل فى هذه المدة جماعة من العلماء و الفقهاء، و أعيان الناس، ما لا يحصى عددهم، و قد صبروا على أذاه هذه المدة، حتى “فرج الله عنهم“، كما كتب عنه المؤرخ المصري إبن إياس.

وقال المقريزي عن شخصيته: ” ثم إن الحاكم بأمر الله اكثر من النظر فى العقائد، وكان قليل الثبات سريع الاستمالة، إذا مال إلى إعتقاد شىء أظهره وحمل الناس عليه، ثم لايلبث أن يرجع عنه إلى غيره فيريد الناس ترك ماكان قد أخبرهم به و المصير إلى ما استحدثه ومال إليه” .

#مقتطف

للحاكم بأمر الله جمهور ينتظره رغم مرور أكثر من ألف سنة، ولكل مجنون الحكم جمهور يجعل من موتهم حضوراً ملهما أو محبطاً. فكما أن هناك من ينتظرون اللواء عمر سليمان في مصر، هناك من يبكي على أيام القذافي بعد أن تحولت ليبيا إلى مرعى العصابات و الميليشيات .

#بروفايل

جثة علي عبد الله صالح أقوى منه، ستظل حية وملهمة لفرقته التي قادها بنفسه، فهو لم يكن راعياً فوق الجميع في اليمن، لكنه تورط و لعب و ناور بلا أهداف سوى استمرار عصابته و عصبته، وهذه عناصر تعد في مقاييس “رجولة الحكم العربي” القائمة على تعظيم قيم البسالة في خدمة القبيلة.

#بروفايل أوسع

علي عبد الله صالح قادم أصلآً من بين حطام الحروب الأهلية والإنقلابات في الجمهورية اليمنية،  بل جرح في حرب الجمهوريين و الملكيين، كبداية لتراكم خبرات إلتقاء السلاح بالسلطة، ومايتبعها من منافذ الفساد، بهذه التركيبة حكم و سيطر بعصبته و عصابته التي ربما كانت سبب عودته بعد أن خرج محروقاً ثم مطارداً من الموت حتي قتله حلفاء الأمس (الحوثيين) بعد أن حولوه إلى موصوم بالغدر، وإختاروا توقيتاً سريعاً و مباغتاً قبل وصوله للإحتماء بقبيلته.

#موجز

.علي عبد الله صالح ليس مجرد قتيل جديد في مصارع الطغاة

#خبر قادم

المنتظر بعد مصرع علي عبد الله صالح هو سنوات جديدة من الحرب الأهلية، ستبدأ بحروب الثأر والتنازع على السلطة بين الحوثيين و ميليشيات علي عبد الله صالح، بقيادة إبنه الأكبر أحمد الذي كان تحت الإقامة الجبرية في الإمارات و يتردد في مواقع الأخبار الموثوق فيها أنه في طريقه إلى الرياض، ونشرت وكالة الأنباء الروسية بياناً منسوباً يتععد فيه بالحرب حتى: طرد آخر حوثي”. السعودية لم يعد أمامها غير الإبن لترميم جبهتها، بعد أن رممت جسد علي عبد الله صالح عقب محاولة إغتياله في 2011

#هاشتاج قادم

حرب أهلية تستمر زمن لا حدود له/الجحيم اليمني يُصدر الفوضى المتوحشة في المنطقة كلها/اليمنيين يعانون من حرب تقترب من الإبادة.

 #الذاكرة

صنعاء ليست الأولى بين مدن العرب الحديثة التي تتحول فيها جثة الحاكم إلى حدث، في التاريخ الأقرب أُغتيل السادات على يد ضابط بين جنوده يحتفلون بنصر أكتوبر، كما أغتيل الرئيس الجزائري محمد أبو ضياف برصاصات أحد حراسه.

لكن جثة علي عبد الله صالح ذكرت أكثر بالقذافي، الذي وجد هارباً في سرداب، وتعرض لحفل تعذيب جسدي، قبل أن تنطلق رصاصات مسدس ذهبي لتقتله وتترك جثته لحفلة تمثيل وسحل دخلت تاريخ التوحش.

#تويتر

“مقتل صالح، الفوضى العارمة، تهديد المنطقة، الحوثي، التدخل الإيراني، كل هذا الهراء بسبب معاندتنا للتاريخ، معاندتنا للربيع، رفضنا حق الشعوب في حريتها، هل هناك من سيقول ويحي لقد اخطأت ! ليتنا ايدنا ثورة ٢٠١١!”

أهمية هذه التغريدة في صاحبها وهو جمال خاشقجي كاتب سعودي، مقرب من الجناح المهزوم في السعودية القديمة، وهرب مع بشائر السعودية الجديدة،  رغم دعوة الأمير وليد بن طلال المقرب منه، و التغيريدة بهذا المعنى هي إعتراف، من أحد المقربين من القصور الحاكمة في الرياض و المبعد الان، أولاً بأن الشعودية شنت حروباً على الثورات التي إرادت الشعوب فيها التغيير، وثانيا بأن هذه الحروب أدت إلى الجحيم.

 #بلغة أخرى

الجحيم اليمني هو جزء من قيادة السعودية ل“الثورة المضادة“.

#الذاكرة

قتل السادات منح ٣٠ سنة لمبارك في دولة تحتضر تقريباً من الستينات.

#وصية

قال علي عبد الله صالح لمرافقيه قبل الموت، أذا استشهدت فإستدعوا أحمد (إبنه )..أي أنه أعتبر أن موته في سبيل إستعادة السلطة “إستشهاداً” ووصى بالوراثة، التي بدأها في أخر تحالفه (أكتوبر الماضي) مع “ أنصار الله “(الحوثيين ) بتشكيل مجلس عسكري برئاسة إبنه بديلاً عن اللجان الثورية للحوثيين.

#تأمل

القاتل و القتيل في إغتيال علي عبد الله صالح هتفوا معاً “ الله أكبر ..” …إلى من منهما إنحاز الله؟

#نبؤة

إنفصال علي عبد الله صالح وذهابه إلى التحالف السعودي/الإماراتي كان سيسرع من عملية تحويل صراع السيطرة على اليمن إلى “حرب مذهبية “ بين السنة و الشيعة.

#ذاكرة

…عندما أعلنت السعودية الحرب على اليمن كانت الإذاعات و التليفزيونات في القاهرة و الرياض و أبو ظبي تغنى “وطني حبيبي….الوطن الاكبر“، وكان السؤال لماذا في بروفة حرب “سنة وشيعة”؟

هل هذا من اجل ايقاظ “روح قومية “ تقاوم المذهبية اللعينة ؟ ام انه بحث عن رايات في”حرب“ تشبه الفخ ..او الاعلان عن قوة تجرب خروجها من “كبسولتها “ كما لم تفعل من قبل.
السعودية خاضت طوال أكثر من سنتين حرب إبادة لليمنيين، لكيي تبقى اليمن رهينتها، بعد تنازع إيران عليها مع سيطرة “ الحوثيين”.

#هاشتاج

كلهم قذافي إلا قليلاً …أو أكثر كثيراً.

#بورتريهات

القذافي بالمقارنة مع علي عبدالله صالح ، ممثل كوميدي .

علي عبد الله صالح و معمر القذافي
علي عبد الله صالح فعل كل شيء مثل حواة الصحراء ليحصل علي المال و السلطة، باع أرضا للسعودية، ثم منح للحوثيين آرضية من الجيش الموالي لتنتقل الميليشا الحوثية إلى ما يقرب من جيش تقليدي، واستخدم “الأفغان العرب في حروبه الأهلية، ثم سمح للمخابرات الأمريكية بإستخدام الأراضي اليمنية” في معارك التصفية الجسدية مع تنظيم القاعدة ،
لكن نرجسية القذافي جعلته يحب الطقوس أكثر، ولهذا لم يقتل قتلاً عاديا، لكنه كان مصحوبا بحفلات و طقوس أصابت الجموع التي قتلته بهستيريا، فرقصوا و زئيرهم كان مخيفا و هم يجرجرون جثة الطاغية الذي ائاقهم العذاب و الهوان.

جثة القذافي دخلت التاريخ، كشفت عن وحشية ورغبة في الانتقام من ديكتاتور تفنن في صناعة التوحش الذي يقف أمامه الإنساني العادي عاجزاً، فانتقم العاجزون من جثته وبقاياه.
ألوان الجثة ستخلد ببقع الدم،  بث على الشاشات، كانها لوحة، او ملصق للتوحش.
بينما جثة علي عبد الله صالح كانت وثيقة لاثبات مصرعه، فهو صاحب سبع أرواح، يفلت من الموت كما يفلت من كمين مروري، وكان موته أقرب إلى مقاتل في حرب القبائل.